للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون فيخبرونه، كما هنا أنْ بفتح الهمزة وسكون النون (ق ١٠٢) خفيفة من الثقيلة، وضمير الشأن محذوف، وفي بعض النسخ أنه إثبات ضمير الشأن قد استَوَت، أي: الصفوف فيكبر، أي: يقول عثمان بن عفان: الله أكبر، للافتتاح.

قال الباجي من علماء المالكية: مقتضاه أنه وكل من يسوي الناس في الصفوف، وهو سنة.

قال محمد: ينبغي أي: يستحب للقوم، وهو يشمل الإِمام وغيره إذا قال المؤذن: حيَّ على الفَلَاح، أي: الأول والثاني، وهو أقرب أن يقوموا إلى الصلاة، ليصح أخبار المؤذن بقوله: قد قامت الصلاة، على الحقيقة وإلا فيكون مجازًا، أي: قربت قيامها، فمحل كلمة "أن يقوموا" مرفوع على أنه فاعل لقوله ينبغي، فَيصُفُّوا بضم الصاد وتشديد الفاء، من صففت القوم من باب نصر، أقمتم في الحرب وغيرها صفًا، وجاء لازم أيضًا ومنه يصف النساء خلف الرجال، ولا يصف معهم، وهذا المعنى هو المناسب هنا، والمعنى: فيصفوا ويُسوَّوا الصفوفَ، ويُحَاذُوا بين المناكبِ، وإذا أقام المؤذنُ الصلاةَ أي: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، كبر الإِمامُ، وهو تكبير الإِمام حين قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.

وحكم المصنف بأن المؤذن إذا قال: قد قامت الصلاة، كبر الإمام يدل على أن الحديث الموقوف، وهو حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه معمول به، ويحتج به، ولكنه مرفوع حكمًا، لما رواه أبو داود في الصلاة، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة، فإذا سوينا كبر (١).

وهذا يدل على أن السنة للإِمام أن يسوي الصفوف، ثم يكبر، كذا في (المصابيح) في باب تسوية الصفوف.

وهذه السنة قد ماتت في زماننا هذا، فيلزم على الإِمام والقوم أن يحيياها.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحيا سنتي عند فساد أمتي، حلت له شفاعتي يوم القيامة".


(١) أخرجه: أبو داود (٦٦٥)، والبيهقي في الكبرى (٢٣٣٩)، وأبو عوانة (١٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>