للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة أي: إذا أراد افتتاحها، رفع يديه حذاء، بكسر الحاء والذال المعجمة المفتوحة والألف الممدودة، مَنْكِبَيهِ بفتح الميم، وسكون النون، وكسر الكاف، وفتح الباء الموحدة، والياء التحتية الساكنة، تثنية منكب، وهو مجمع عظم العضد والكتف، أي: رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه مقابل منكبيه، وأما عند أبي حنيفة فمحاذاة يديه لأذنيه سنة، وهو رواية عن أحمد.

لما روى مسلم من حديث وائل بن حجر، أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبر ووضع حيال أذنيه، أي: مقابل أذنية، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى (١)، والخلاف في الأفضلية فتأمل.

ثم قال أبو يوسف: يرفع يديه مقارنًا للتكبير، فيقارنه كتكبير الركوع والسجود.

وقال أبو حنيفة ومحمد: يرفع يديه، ثم يكبر؛ لأن في الرفع نفي الكبرياء عن غيره - تعالى - وفي التكبير إثبات الكبرياء له سبحانه، والنفي مقدم على الإِثبات، كما في كلمة الشهادة.

فإن قيل: ما الحكمة أن النفي فى قوله: "لا إله إلا الله" مقدم على الإثبات؟

أجاب بعض العارفين: قدم النفي على الإِثبات ردًا على زاعم الشريك ومدعيه؛ لأن المناسب في لسان العرب من طريق البلاغة والفصاحة، أن يجاب مدعي الإِثبات بالنفي، ومدعي النفي بالإِثبات، وهو من أسرار البلاغة المحمدية والعربية الأحمدية، كما في (خواتيم الحكم) (٢)، وإذا كبَّر للركوع رفع يديه، وإذا رفع رأْسه من الركوع رفع يديه، وأغرب السيوطي (٣)؛ حيث ذكر هنا ما رواه الطبراني عن عقبة بن عامر الجهني، قال: نكتب في إشارة يشيرها الرجل بيده في الصلاة بكل أصبع حسنة أو درجة (٤)،


(١) أخرجه: مسلم (٤٠١)، وأحمد (١٨٣٨٧)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٧)، حديث (٦٠)، والبيهقي في الكبرى (٢٣٧١) (٢٥٧٢).
(٢) انظر: خواتيم الحكم (١/ ٥١).
(٣) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٧٤)، وشرح الزرقاني (١/ ٢٢٨).
(٤) أخرجه: الطبراني في الكبير (١٧/ ٢٩٧)، حديث (٨١٩)، والفردوس (٩٠١١).
قال في المجمع: رواه الطبراني، وإسناده حسن (٢/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>