وستين ومائة، وهو أحد الأئمة المجتهدين في علوم الدين، قال: حدثنا حصين، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أنه كان يرفع يديه، إذا افتتح الصلاة، أي: وقت ابتداء صلاته فقط، وقد اجتمع (ق ١١٠) الإِمام أبو حنيفة مع الأوزاعي بمكة، في دار الخياطين وقت ابتداء صلاته فقط.
فقال الأوزاعي: ما لكم لا ترفعون أيديكم عند الركوع والرفع منه، لأجل أنه لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء، أي: مما لا يعارض.
فقال الأوزاعي: كيف لم يصح، وقد حدثني الزهري عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه، إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه.
فقال أبو حنيفة: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه (١) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه، إلا عند الصلاة، ثم لا يعود.
فقال الأوزاعي: أحدثك عن الزهري، عن سالم عن أبيه، وتقول: حدثني حماد عن إبراهيم؟
فقال أبو حنيفة: كان حماد أفقه من الزهري، وكان إبراهيم أفقه من سالم، وعلقمة ليس بدون ابن عمر في الفقه، وإن كان لابن عمر صحبة، فله فضل صحبته، وللأسود فضل كثير، وعبد الله قال ابن الهمام: فرجح بفقه الرواة.
كما رجح الأوزاعي بعلو الإِسناد، وهو المذهب المنصور عندنا، والله أعلم، كما قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان كيفية الشروع في الصلاة، شرع في بيان أحكام القراءة؛ التي يجهر بها الرجل خلف الإِمام، فقال: هذا.
* * *
(١) أخرجه: النسائي (١٠٥٧)، وأحمد (٣٦٧٢)، وعبد الرزاق في مصنفه (٢٥٣٣)، وأبو يعلى (٥٣٠٢).