للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى في سورة الأنعام: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُون} [الأنعام: ٩]، أي: خلط عَلَيْه، أي: على أحدكم أمر صلاته، حتى لا يَدري أي: لا يعلم أحدكم كم صلَّى، أي: من عدد الركعات، ولم يغلب له ظن اعتبر بالأقل، وقعد وتشهد بعد كل ركعة ظنها آخر صلاته؛ لئلا يصير تاركًا فرض القعدة، أو تاركًا واجبة القعدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نسي أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثًا، فليبن على ثنتين؛ فإن لم يدر ثلاثًا صلى أو أربعًا، فليبن على ثلاث؛ ويسجد سجدتين بعد السلام، ثم يقعد ويتشهد، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - يمينًا ويسارًا"، كما نقلناه في (سلم الفلاح) من (فتح القدير).

فإذا وَجَد أحدُكم ذلك أي: ما ذكر من اللبس فليسجدْ أي: سجدتين بعد السلام كمذهبنا، أو قبله كمذهب الشافعي، سجدتين ترغيمًا، أي: تذليلًا للشيطان، لما لبس عليه، وليس عليه أثقل من السجود، لما لحقه من سخط الله لامتناعه من السجود لآدم - صلوات الله على نبينا وعليه - وهو جالس، أي: والحال أن الساجد لسهوه يجلس ويتشهد ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فليسلم.

وقد حُكِي أن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه، يقول له: لم بالسجدة لمن صلى علي في جلوسه الأول من الصلاة الرباعية.

فقال أبو حنيفة: يا رسول الله، فإنه صلى عليك بلا قصد، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنه بهذا الجواب، كما في (بحر الرائق) (١).

* * *

١٣٧ - أخبرنا مالك، حدثنا داود بن الحُصَيْن، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة، قال: صَلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليَديْن فقال: أقصُرَتِ الصلاةُ يا رسول الله أم نسيت؟ فقال:


(١) انظر: البحر (١/ ١٠٥).
(١٣٧) أخرجه: البخاري (٧١٤)، (١٢٢٨)، (٦٦٧١)، ومسلم (٥٧٣)، والترمذي (٣٩٩)، والنسائي (١٢٢٥)، (١٢٢٩)، وابن ماجه (١٢١٤)، وأحمد (٩١٨١)، (١٦٢٦٧)، ومالك (٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>