آخر، والمعنى أنه متفرد في ذاته، لا شريك له في صفاته، وأشهد أن محمدًا عبدُه وهو في الأصل صفة بمعنى المملوك، استعمل استعمال الأسماء على ما قاله سيبويه، وإنما أثر على غيره؛ لأنه لا اسم للمؤمن أشرف من العبودية في صفات المخلوقين، وهي الرضا بما يفعله الرب، والعبادة ما يرضيه، والعبودية هي التواضع الذي من العبادة، لبقائها في العقبى بخلاف العبادة، فإنها تُنبئ عن كمال التذلل، وهو المقصود، ورسوله، أي: المعظم لديه، السلام أي: أنواع التعظيم الذي وجه إلى الأنبياء والرسل، نازل عليك أيها النبي.
قال النووي والطيبي: والتعريف في السلام للعهد التقريري، أي: ذلك السلام الذي توجه إلى الأنبياء والرسل، ويجوز أن يكون للعهد الخارجي إشارة إلى قوله تعالى:{وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}[النمل: ٥٩].
ولا شك أن هذين التقديرين أولى من تقدير النكرة؛ لأن أصل سلامًا عليك ثم حذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وعدل عن النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبوته واستقراره.
وذكر صاحب (الأقليد) عن أبي حامد أن التذكير فيه للتعظيم، وهو وجه من وجوه الترجيح، لا يقف على الوجوه المتقدمة.
قال الطيبي: من حكمة العدول عن الغيبة إلى الخطاب في هذا مع أن لفظ الغيبة هو مقتضى السياق، وكان يقول: السلام على النبي، فينتقل من تحية الله تعالى إلى تحية النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله الزرقاني.
ورحمة الله أي: إحسانه، وبركاته، أي: زيادته من كل خير، لما انتقل المصلي من "أيها النبي ورحمة الله وبركاته" انتقل إلى تحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"التحيات لله، والسلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، انتقل إلى تحية نفسه، ثم إلى الصالحين، السلام، أي: الأمان فى الدارين من الهوان، علينا وعلى عباد الله الصالحين، جمع صالح وهم الذين قاموا بحقوق الله تعالى، وبحقوق عباده، وقيل: السلام هو الله - تعالى - فمعناه: الله علينا، أي: حفظنا ورقيب علينا، وقيل: هو (ق ١٤٠) جمع سلامة، أي: جنسها الفرق بينه وبين مفرده التاء، السلام عليكم كذا في (الموطأ) لمالك، يعني بقول المصلي بعد إتمام التشهد: السلام عليكم.