للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضاد، وهو سالم بن أبي أمية، أن أبا مُرَّة بضم الميم وفتح الراء المشددة، مولى عقيل أخبره أي: أبا النضر، أنه أي: أبا مرة سمع أمَّ هانئ بكسر النون فهمزة بنت أبي طالب تُحدّث: أي: تروي أنَّها ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، أي: فتح مكة، فوجدته يغتسل أي: في بيتها أو بيت غيرها، وفاطمة ابنته رضي الله عنها تستره بثوب، جملتان حاليتان، وفيه ستر المحارم عند المحارم عند الاغتسال، وذلك مباح، وفي الصحيح: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أم هانئ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل بيتها يوم فتح مكة واغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أحسن منها، غير أنه يتم الركوع والسجود، تظهر أن هذا الاغتسال وقع في بيتها.

قال الحافظ: ويجمع بينهما بأن ذلك تكرر منه، ويؤيده ما رواه ابن خزيمة من طريق مجاهد عن أم هانئ أن أبا ذر ستره لما اغتسل، وفي هذه الرواية أن فاطمة سترته، ويحتمل أنه نزل ببيتها بأعلى مكة، وكانت هي في بيت آخر بمكة، فجاءت إليه فوجدته يغتسل، فيصح القولان، وأما الستر فيحتمل أن أحدهما ستره في ابتداء الغسل والآخر في أثنائه، كما قاله الزرقاني (١). قالت: أي: أم هانئ، فسلمتُ وذلك ضُحى أي: وقت ضحى من الضحوة، وهي ارتفاع النهار ما بين الإِشراق والزوال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: بعد رد السلام، ولم تذكره للعلم به.

قال أبو عمر (٢): فيه جواز السلام على من يغتسل، ويرده عليه، "من هذا؟ " أي: الشخص أو المسلم، فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، وهذا يدل على أن الستر كان كثيفًا، وعلم أنها امرأة؛ لأن ذلك الموضع لا يدخل عليه فيه الرجال، واحتج به من رد شهادة الأعمى لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يميز صوت أم هانئ مع علمه بها، قال: "مرحبًا أي: أتيت مكانًا واسعًا، بأم هانئ"، بباء الجار، وفي رواية: يا أم هانئ، بياء النداء، والأولى أولى؛ لأنها رواية الأكثر، فلما فرغ من غسله بضم الغين المعجمة قام فصلَّى ثمانِيَ ركعات بكسر النون وفتح الياء مفعول فصلى، حال كونه - صلى الله عليه وسلم - مُلْتَحفًا أي: ملتفًا في ثوب، أي: في ثوب واحد كما في (الموطأ) لمالك.


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٤٣١).
(٢) انظر: التمهيد (٢١/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>