للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن كريب مولى ابن عباس، قال: بتُّ عند خالتي ميمونة فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل، فقمتُ عن يساره، فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه، فأقامني عن يمينه، فصليت معه. وفي الحديث دليل على أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، وأن صلاة الصبي صحيحة، وأن له موقفًا من الإِمام كالبالغ، وأن الجماعة في غير المكتوبات جائزة.

أقول: وقد صرح في (الفروع) اتفاق الفقهاء بكراهية الجماعة في النوافل، إذا كان سوى الإِمام الأربعة.

قال في (الكافي): إن التطوع بالجماعة إنما تكره إذا كان على سبيل التداعي، أما لو اقتدى واحد بواحد، أو اثنان بواحد لا تكره، واقتدى ثلاثة بواحد اختلف فيه، وإن اقتدى أربعة بواحد كره اتفاقًا، كذا في (الوسائل شرح الشمائل).

ثم قام فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ست مرات، فتكون اثني عشرة ركعة، وفي العطف بثم إشارة إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - فصل بين كل ركعتين، وبه صرح في رواية طلحة بن نافع، عن ابن عباس، عند ابن خزيمة، قال: ويسلم من كل ركعتين، ولمسلم من رواية علي بن عبد الله بن عباس، التصريح بالفصل أيضًا، وأنه - صلى الله عليه وسلم - استاك بين كل ركعتين إلى غير ذلك، كذا قاله الزرقاني.

ثم أي: بعد ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتى عشرة ركعة من النوافل، أوْتَرَ، أي: صلى الوتر ثلاث ركعات، ثم أي: بعد ما صلى صلاة الوتر ثلاثًا، اضطَجَعَ أي: رقد فنام حتى نفخ حتى جاءه المؤذِّن، وهو بلال كما سُمِّي في رواية البخاري على ما ذكره السيوطي. فقام فصلى ركعتين خَفيفتين، يعني سنة الفجر، ثم خرج من بيت ميمونة إلى المسجد، فصلى صلاة الصبح، أي: فرضه بجماعة، والحديث رواه الترمذي في (الشمائل).

قال محمد: صلاة الليل عندنا يعني: نفسه، وأبا يوسف مَثْنى مثنى، أي: ثنتين ثنتين، وهو أفضل، كرره تأكيدًا في بيان الحكم، وهما لا ينصرفان للعدل من عدد مكررة هي ثنتين ثنتين وللوصف (ق ١٦٩) بنيتا، وأن أصولهما لم تبن لتكرر العدل، فإنهما معدولتان باعتبار الصيغة والتكرير وهما نكرتان تدخل عليهما لام التعريف كالمثنى والثلاث والرباع، كذا قاله عبد الله بن محمد البيضاوي (١)، وغيره في تفسير قوله تعالى


(١) انظر: البيضاوي (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>