للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: نرى قصر الصلاة إذا دخل المسافر مصرًا من الأمصار، وإن عزم على المُقام إلا أن يعزم مقام خمسة عشر يومًا فصاعدًا، فإذا عزم على ذلك أتمّ الصلاة.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، وفي نسخة: محمد أخبرنا مالك، أخبرنا هشام بن عُروة، أي: ابن الزبير بن العوام، وهو من أكابر العلماء، وأجلاء التابعين، في الطبقة الرابعة من الطبقات السبعة من أهل المدينة المنورة، وهي بلدة مباركة في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، أنه سأل سالم بن عبد الله أي: ابن عمر بن الخطاب، عن حال المسافر، إذا كان لا يدري أي: لا يعلم متى يخرج، يقول: أي: المسافر متردد أخْرُجُ اليومَ، بالنصب بل أخْرُجُ غدًا، بل الساعَة، وكلمة بل للإِضراب، وهو الإِعراض عن الشيء، بعد الإِقبال عليه، نحو: ضربت زيدًا بل عمرًا، وكذا قاله الشريف الجرجاني، وكررها السائل في سؤاله، إشعارًا باختلاف أحوال المسافر من التردد في الخروج من منزله، واهتمامًا بالحكم الذي يطلبه؛ فكان أي: متماديًا، وفي نسخة: وكان بالواو، حتى يأتي عليه أي: المسافر لَيَالٍ كثيرة، أو أيام كثيرة أيقصر أم ما يصنع؟ كلمة، أم هنا أم المنقطعة التي لا يقارفها معنى الإِضراب متضمنة معنى الاستفهام الطلبي، وما موصولة منصوب محلها على أنه مفعول يصنع، والعائد محذوف، والتقدير: أي الشيء الذي يصنعه المسافر، ويجوز أن يكون مرفوعًا محلها على الابتداء، ويصنع خبره، ولا يجوز أن تكون استفهامية، كما قال ابن هشام في (مغني اللبيب) لا يدخل الاستفهام على الاستفهام، قال: أي: أجاب سالم بن عبد الله بن عمر عن سؤال هشام بن عروة بقوله: يقصر وإن تَمَادَى به أي: لو استمر مع المسافر ذلك أي: التردد شهرًا، والباء للمصاحبة، كما قال تعالى في سورة هود: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: ٤٨]، أي: معه به، الكثرة فإن الحكم في شهر في شهرين، فصاعدًا، وفي سنتين كذلك.

والدليل عليه ما رواه أبو داود (١) بإسناد، قال النووي: على شرط البخاري ومسلم عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة.


(١) أخرجه: أبو داود (١٢٣٥)، وأحمد (١٣٧٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>