فالغفلة عن الشيء هي أن يخطر ذلك الشيء بباله، من صلاته أي: من أنواع صلاته من المكتوبة والوتر، فلم يذكرها أي: فلم يخطرها بباله إلا أي: لكن أحضرها في باله، وهو أي: والحال أنه يصلي مع الإِمام، فإذا سلم الإِمام وسلم هو أيضًا فليصل صلاته التي (ق ٢١٥) نسىَ، أي تركها، ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى، أي: غير الأولى من الصلوات، ومذهبنا أنه إذا دخل في صلاة فتذكر فائتة، وفي الوقت سعة تبطل صلاته الأولى، فيجب عليه أن يقدم القضاء ثم يصلي الأداء.
قال محمد رحمه الله تعالى: وبهذا أي: بحديث ابن عمر نأخذ أي: نعمل ونُفتي إلا في خصلة واحدة، أي: وهي ضيق الوقت كما بينه بقوله: إذا ذكرها أي: أحضر صلاة الفائتة، وهو في صلاة في آخر وقتها، وفي نسخة: وهو يصلي صلاة يخاف إن بدأ بالأولى أي: الفائتة، أن يخرج وقت هذه الثانية قبل أن يصليها، أي: الثانية فليبدأ بهذه الثانية حتى يفرغ منها، ثم يصلي الأولى، أي: الفائتة بعد ذلك، وهو أي: أن يصلي الوقتية أولًا في آخر الوقت ثم الفائتة، قولُ أبي حنيفة وسعيد بن المسيب، أي: ابن حزن يكنى أبا محمد، من أجلاء التابعين، بل أفضلهم، كان في الطبقة الأولى من الطبقات السبعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة وقد مر منقبته تفصيلًا في باب الصلاة في الثوب الواحد.
واعلم أن الترتيب فرض بين الفروض الخمسة والوتر، فائت كلها أو بعضها.
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله: لا ترتيب بين الفروض والوتر، على أنَّ الوتر سنة عندهما. وقال مالك: الترتيب في قضاء الفوائت واجب بالذكر ساقط بالنسيان في خمس وما دونها.
وقال الشافعي: الترتيب في الفروض مستحب لنا لما في الصحيحين من حديث جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل يسب كفار قريش يوم الخندق، وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فصلى - صلى الله عليه وسلم - العصر بعد ما غربت الشمس، وصلينا بعدها المغرب، ولو كان الترتيب مستحبًا لما أخَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجله المغرب التي تأخيرها مكروه بالاتفاق وغير جائز عند الشافعي على القول بضيق وقتها عنده، وعند مالك.