للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: لا نرى أي: لا نظن بهذا أي: تأخير الصلاة بأسًا، أي: كراهة، بل هو الأفضل، لما ورد في الحديث المتفق عليه: "إذا وُضِعَ العَشَاء - بفتح العين - وأُقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعَشَاء".

والجمهور ذهبوا إلى أن الأمر للندب، فقيل: إنه مقيد بمن كان محتاجًا إلى الأكل وهو المشهور، وقيل: على إطلاقه، وإليه ذهب ابن حجر في (فتح الباري شرح البخاري).

وأما حديث: "إذا حضر العشَاء والعَشَاء، فابدؤوا بالعَشَاء"، والعَشَاءُ - بفتح العين: الطعام الذي يؤكل بعد زوال الشمس من وسط السماء إلى نصفَ النهار، وبالكسر صلاة المغرب والعشاء، فمعناه الصحيح، إلا أنه بهذا اللفظ لا أصل له في كتب الحديث، كما قال العراقي في (شرح الترمذي).

وقال السخاوي: رأيتُ الحديث، في (مصنف ابن أبي شيبة) بلفظ: "إذا حضر العَشَاء، وحضرت الصلاة"، وتعقبه السيوطي بأن من عزاه إلى (مصنف ابن أبي شيبة) فقد وهم، ثم رأيت العسقلاني ذكر أنه رأى بخط الحافظ الدارقطني من أن ابن أبي شيبة أخرج عن إسماعيل، وهو ابن علية، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن رافع، عن أم سلمة مرفوعًا: "إذا حضر العَشَاء، وحضر العِشَاء، فابدؤوا بالعَشَاء"، فإن كان ضبطه فذاك، وإلا فقد رواه أحمد عن إسماعيل بلفظ: "وحضرت الصلاة"، ثم رجعت إلى (مصنف ابن أبي شيبة) فرأيت الحديث فيه، أخرجه أحمد في مسنده. انتهى والله أعلم بإعداد المعاد، ولا نحبّ على صيغة نفي الاستقبال المتكلم مع الغير، أي: لا نرضى أن تُتَوَخَّى أي: نقصد أكل الطعام في تلك الساعة، التي ضاقت عليه أو أقيمت للصلاة، فحينئذٍ يبدأ بالصلاة لخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل من كتف شاة، فدُعِي إلى الصلاة فألقى الشفرة ثم قام فصلى، وإن كان في الوقت سعة، وكان في النفس توقان إلى الطعام أو يخاف فساده يبدأ بالطعام، وفي نسخة: ونحب، أي: نستحسن أن لا نتوخى أي: لا نقصد ولا نتحرى لأكل الطعام في تلك الساعة التي حضر الطعام.

قيل: المراد منها صلاة المغرب، لرواية: "إذا وُضِعَ العَشَاء، وحضرت الصلاة، فابدؤوا به، قبل أن تصلى المغرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>