للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر (١) في (فتح الباري على البخاري): هذا إسناد صحيح، وهو ظاهر أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس، وفهم بعضهم عكس ذلك، ولا يتجه إلا أن يحمل على أن الطنفسة كانت تفرش خارج المسجد وهو بعيد، والذي يظهر أنها كانت تفرش له داخل المسجد، وعلى هذا كان عمر يتأخر بعد الزوال قليلًا.

وفي حديث السقيفة عن ابن عباس: فلما كان يوم الجمعة وزالت الشمس، خرج عمر فجلس على المنبر.

قال مالك: والد أبي سهيل: ثم يرجع بالنون، أي: بعد صلاة الجمعة، كذا في (الموطأ) لمالك، فنُقِيلُ بفتح النون، وكسر القاف، من قال قيلولة، إذا نام نصف النهار، ومنه قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: ٤]، قائلة الضَّحَاء، مفعول مطلق مضاف إلى الضحاء بفتح الضاد المعجمة الممدوة بمعنى: الضحوة.

وقال أحمد: يجوز الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة.

لما روى مسلم (٢) عن سهل بن سعد الساعدي: أنه قال: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي الاستدلال به نظر، ولا دلالة فيه إلا على التكبير، وجعل القيلولة والغداء على وجه التأخير.

وروى أحمد عن ابن مسعود، رضي الله عنه، أنه كان يصلي الجمعة ضحى، ويقول: إنما عجلت بكم خشية الحر عليكم.

وفيه: أنه لا يصح أن يكون معارضًا لعمله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد روى البخاري (٣) أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس، والقياس يقتضي ذلك؛ لأن الجمعة خلف عن الظهر.

ويمكن تأويله بأنه أراد بالضحى آخره، وهو أول الزوال، وقوله: عجلت بكم،


(١) انظر: الفتح (٢/ ٣٨٧).
(٢) أخرجه: البخاري (٩٣٩)، ومسلم (٨٥٩).
(٣) أخرجه: البخاري (٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>