للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة، وفي نسخة: قال: ثنا، عن السائِب بن يزيد، أي: سعد بن ثمامة الكندي، وقيل غير ذلك في نسبه، ويعرف بابن نمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحج به - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، مات سنة إحدى وتسعين، وقيل: قبل ذلك، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال) (١). أن عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، وهو أشد هذه الأمة حياء.

عن عائشة (٢) رضي الله عنها، أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعًا في بيته، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على ذلك الحالة، فتحدث أبو بكر، ثم استأذن فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، أي: عمر، ثم استأذن عثمان، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وسوى ثيابه، فلما خرج قالت عائشة رضي الله عنها: دخل أبو بكر فلم تهتش له، أي: لم تتحرك لأجل أبو بكر، ولم تبال له، ثم دخل عمر فلم تهتش له، ولم تبال له، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة".

والمراد من استحياء النبي - صلى الله عليه وسلم - والملائكة من عثمان، توقيرهما وتعظيمهما له.

وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة أن لا يُبلغ إليَّ في حاجته"، كذا أورده الإِمام البغوي في المناقب من (المصابيح)، زاد النداء الثالث أي: الذي في المنارة الآن بعد الزوال، أُحْدِثَ في زمن عثمان رضي الله عنه، يوم الجمعة.

وروى البخاري أيضًا من حديث السائب بن يزيد قال: الأذان يوم الجمعة كان حين يجلس الإِمام على المنبر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وعمر، فلما كان في خلافة عثمان، وكثروا، أمر بالأذان الثالث فأذن على الزوراء، وهي دار بسوق المدينة مرتفعة، فثبت الأمر على ذلك، ويسمى هذا الأذان ثالثًا باعتبار الشرعية؛ لأن الأول منها بين يدي الإِمام، والثاني إقامة الصلاة، والإِقامة قد تسمي أذانًا، كما في الحديث: "بين كل أذانين صلاة" (٣)؛ ولأن الأذان في أصل اللغة: الإِعلام.


(١) تقدم.
(٢) أخرجه: مسلم (٢٤٠١).
(٣) أخرجه: البخاري (٦٢٤)، ومسلم (٨٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>