للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السيوطي: والحجرة: بضم الحاء المهملة وسكون الجيم: البيت يسمى بها لمنعها المال، أي: وحول الأغيار من الرجال، وإيثار المضارع في موضع الماضي، والعدول مما يقتضيه الظاهر، وهو قد صلى إلى الماضي وهم قد صلى إلى المضارع، وهو يصلي لاستحضار تلك الحال في نظر أرباب الكمال كما قال علي القاري في (شرح حديث الأربعين)، والظرف في قوله: قبل أن تَظْهَرَ، أي: الشمس متعلق إلى يصلي، والمعنى: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر قبل أن ترتفع الشمس من جدار بيتها وتخرج منها، وهذا قد يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، وفي رواية أبي داود عن أنس رضي الله عنه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، والمقصود منه: أنه كان يصلي في وقت الاختيار قبل وقت الكراهة من حال الاصفرار.

قال جلال الدين السيوطي نقلًا عن ابن حجر العسقلاني: مناسبة الحديث أن عمر بن عبد العزيز بن مروان الخليفة الصالح أبو حفص، خامس الخلفاء الراشدين، كان أميرًا في زمن الحجاج بن يوسف بالمدينة أو بالشام وقعد على المنبر من طين واعظًا للناس، وقال: يا أيها الناس، أصلحوا أسراركم تصلح علانيتكم، واعملوا العصر عن وقتها المستحب المرغوب، فحدثه عروة بن الزبير قال: قد حدثني أبو منصور الأنصاري وبشر بن مسعود، كلاهما قد صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دلكت الشمس، فقال: يا محمد، صل الظهر، فصلى، ثم جاءه حين كان ظل كل شيء مثله فقال: يا محمد، صل العصر، فصلى، ثم جاءه حين غربت الشمس فقال: يا محمد صل المغرب، فصلى، ثم جاءه حين غاب الشفق فقال: يا محمد، صل العشاء فصلى، ثم جاءه (ق ١٥)، حين انشق الفجر الثاني فقال: يا محمد، صل الصبح، فصلى، حين جاءه الغد حين كان ظل كل شيء مثله، فقال: يا محمد صل الظهر، فصلى، ثم جاءه حين كان ظل كل شيء مثليه، فقال: يا محمد، صل العصر، فصلى، ثم أتاه حين غربت الشمس، فقال: يا محمد، صل المغرب، فصلى، ثم أتاه حين ذهبت ساعة من الليل فقال: يا محمد، صل العشاء، فصلى، ثم أتاه حين أضاء الفجر وأسفر وابيض خالصًا، فقال: يا محمد، صل الصبح، فصلى، ثم قال: ما بين هذين وقت يعني أمس واليوم. قال عمر بن عبد العزيز لعروة: أجبريل أتاه؟ قال: نعم.

وفي الحديث من الفوائد: دخول العلماء على الأمراء وإنكارهم عليهم ما يخالف

<<  <  ج: ص:  >  >>