• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من كبار أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، التابعي، كان في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، عن أبي بكر أي: عبد الله بن سليمان بن أبي حثْمة، بفتح الحاء المهملة، وسكون الثاء المثلثة، وفتح الميم، ابن حذيفة، قرشيّ عدويّ، مدني ثقة، عارف بالنسب، وكان من فضلاء المسلمين وهو معدود من كبار التابعين، أن عمر بن الخطاب فَقَد أي: لم يجد أباه سليمان بن أبي حثْمة في صلاة الصبح، حيث لم يحضر الجماعة، وأن عمر غدا أي: ذهب إلى السوق، وكان منزل سليمان بين السوق والمسجد، أي: مسجد المدينة جملة معترضة، فمر عمر على أم سليمان، قوله: الشِّفاء، بالجر بدل من اللام، وهو بكسر الشين المعجمة، وبالفاء والمد بنت عبد الله القرشية العدوية.
قال أحمد بن صالح المصري: اسمها ليلى، والشفاء لقب غلب عليها، أسلمت قبل الهجرة، وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيها ويزورها ويقيل عندها، واتخذت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراشًا وإزارًا ينام فيه، فلم يزل عندها حتى أخذه منهم مروان بن الحكم، وقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "علمي حفصة رقية النملة"، وأعطاها دارًا عند الحكاكين بالمدينة فنزلتها مع ابنها سليمان؛ ولأن عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها، وربما ولاها شيئًا من أمر السوق، روى عنها ابنها سليمان، وابناه: أبو بكر وعثمان، وحفصة أم المؤمنين وغيرهم، فقال: أي: عمر لم أر سليمان في الصبح؟ أي: في صلات، فقالت أي: الشفاء: بات أي: سليمان يصلي فغلبته عيناه، أي: بالنوم ففاته الجماعة، فقال عمر: لأن أي: أقسم بالله أشهد أي: أحضر صلاة الصبح أي: بالجماعة أحبُّ إلى من أن أقوم ليلة، لما في ذلك من الفضل الكبير، وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سليمان بن أبي حثمة عن أمه الشفاء أنها قالت: دخل عليَّ عمر وعندي رجلان نائمان تعني ابنها وزوجها سليمان، فقال: أما صليا الصبح؟ قلت: لم يزالا يصليان حتى أصبحنا فصلينا الصبح وناما، فقال: لأن أشهد الصبح في جماعة أحب إليَّ من قيام ليلة، كذا قاله الزرقاني.