للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنه حال مبينة، فالتقدير أنه سمع جده حال كونه يسأل عبد الله (ق ١٨) بن زيد بن عاصم، بن كعب الأنصاري المازني، صحابي شهير، روى صفة الوضوء وعدة أحاديث، وشهد بدرًا وما بعدها فيما جزم به أبو أحمد الحنبلي وابن منده، وأخرجه الحاكم في (المستدرك)، وقال ابن عبد البر: شهد أحدًا وغيرها ولم يشهد بدرًا، ويقال: إنه الذي قتل مسيلمة الكذاب واستشهد يوم الحرة سنة ثلاث وستين كما قاله الزرقاني، وكان أبو عبد الله بن زيد بن عاصم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كذا في نسخة، وفي نسخة أخرى: قال، أي: جده أبو الحسن لعبد الله بن زيد: هل تستطيع أن تُرِيَني من الإراءة، أي: تبصرني، أي: تعلمني.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه ملاطفة التلميذ لشيخه، وكأنه أراد الإراءة بالفعل ليكون أبلغ في التعليم، وسبب الاستفهام ما قام عنده من احتمال أن يكون معنى ذلك لبعد العهد، كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ؟ أي: للصلاة.

قال السيوطي ليحيى بن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم، وهو جد عمرو بن يحيى، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل تستطيع. . . الحديث.

قال ابن عبد البر: هكذا في (الموطأ) عند جميع رواته رواية رواية، وانفرد به مالك، ولم يقل أحد في عبد الله بن زيد بن عاصم أنه جد عمرو بن يحيى المازني إلا مالك فإنه عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري، لا خلاف في ذلك، ولجده أبي حسن صحبة فيما ذكره بعضهم، فعسى أن يكون جده لأمه؛ لأن الأمر ثبت على خلاف ذلك، قوله: كيف، في: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ظرف من الظروف المبنية للزمان الحال؛ لأنه سؤال عن الحال؛ وإنما بني لتضمنه معنى همزة الاستفهام، وعلى الحركة لالتقاء الساكنين، وعلى الفتحة للخفة ولفظ: كان زائدة مجازًا كما في قوله تعالى في سورة مريم: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)} [مريم: ٢٩]، جيء به لتحسين اللفظ، والعامل في محله النصب لفظ يتوضأ مؤخرًا، وقدم على عامله؛ لأن فيه معنى همزة الاستفهام، وهو يقتضي الصدارة، والمعنى: هل تستطيع أن تريني وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأي حال وجد؟ قال عبد الله بن زيد: نعم، أستطيع وهو بفتح النون والعين وسكون الميم حرف وعد وإعلام بعد الاستفهام جوابًا للاستفهام، نحو: هل تعطيني؟ يقال: نعم،

<<  <  ج: ص:  >  >>