للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بيت المقدس، بفتح الميم وسكون القاف، وكسر الدال، وجوز ضم الميم، وتشديد الدال المفتوحة والمراد الصخرة لكونه قبله في الجملة، ولو كانت منسوخة وهو وجه وجيه وتنبيه منبه، ثم رأيت الإِمام أحمد وأبا داود وابن ماجه روي عن معقل الأسدي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط (١)، فقال واسع بن حبان حاكيًا عن عبد الله: قال عبد الله: في مقام الاستدلال على جواز الاستقبال إلى بيت المقدس، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي، واليمين على من أنكر"، لقد رقَيْتُ بفتح الراء المهملة وكسر القاف، وسكون التحتية والتاء للمتكلم، أي: صعدت، يقال: رقيت رقيًا إذا صعدت، كذا قاله الجوهري، على ظهر بَيْت لَنَا, وفي رواية الشيخين: بيت أختي حفصة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: من غير قصد في نظره أو من وراء ظهره كائنًا على حاجته أي: قضائها حال كونه مُسْتَقْبِلَ بيت المقدس، ولعله كان يعذر هنالك أو قبل النهي عن ذلك.

قال محمد: ويقول عبد الله بن عمر نأخذ، أي: نعمل في المسألتين، ينصرف الرجل إذا سَلَّم على أيِّ شِقِّهِ أحَبَّ، أي: أي أختار، ولا بأس أن يستقبل بالخَلَاء أي: في الخلاء وهو كناية عن قضاءيات الحاجة، من الغائط والبول أي: أو أحدهما بيتَ المقدس، إنما يُكرَه أن يستقبل بذلك، أي: فيما ذكره القبلة، وهي جهة الكعبة، وهو قولُ أبى حنيفة رحمه الله. قال علي القاري: فيه إشكال وهو أنه يلزم من استقبال بيت المقدس استدبار الكعبة، وهو ممنوع عند علمائنا أيضًا عند قضاء الحاجة، ويستوي عندنا في هذه المسألة الصحراء والبناء، يقول الفقير: نعم يرد هذا الإِشكال إذا كان جواز استقبال بيت المقدس مخصوصًا لأهل المدينة، وأما إذا كان لسائر أهل البلاد فلا إشكال فيه؛ لأن بيت المقدس في طرف الشمال لأهل المدينة والكعبة في طرف الجنوب لأهلها بخلاف سائر البلاد، كذا قاله أهل الهيئة.

لما فرغ من بيان حكم الانصراف بعد إتمام الصلاة إلى وجه رجل معلم لينتفع من علمه، شرع في بيان حكم صلاة المغمى عليه، فقال: هذا

* * *


(١) أخرجه: أبو داود (١٠)، وأحمد (١٧٣٨٣)، وابن أبي شيبة (١/ ١٧٧)، والبيهقي في الكبرى (٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>