للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة هي صلة الموصول فلا محل لها من الإِعراب على إبراهيم، أي: الخليل عليه السلام، فإن قيل: لم خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذكر التشبيه في الصلاة بإبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه من بين سائر الأنبياء عليهم السلام؟ أجيب لوجهين: أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ليلة المعراج جميع أزواج الأنبياء والمرسلين، وسلم عليه كل نبي ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم، فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نصلي عليه في آخر الصلاة إلى يوم القيامة؛ مجازاة على إحسانه، وثانيهما: أن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة حبس مع أهله فبكى ودعا، وقال: اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهبه مني السلام، فقال أهل بيته: آمين، كذا في (خواتم الحكم)، وبارك أي: واقض بركات الدين والدنيا، أو داوم ما أعطيت من التشريف والكرامة والبركة كثرة الخير، كذا قاله الفاسي، قال العلماء: البركة هنا الزيادة في الخير والكرامة، وقيل: هي بمعنى التطهير والتزكية، أي: طهره عن كدورة أمته بالعفو والمغفرة، (ق ٢٩٦) قال تعالى في سورة الأحزاب: {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣]، وقيل: لكثير الثواب، على محمد، وعلى أزواجه أي: نسائه أمهات المؤمنين، وذريته أي: أولاده ذكورًا وإناثًا، يعني أثبت لهم ما أعطيتهم، وأدم له الشرف والكرامة، كما باركت على إبراهيم، أي: مثل ما زدت عليه من الثواب والكرامة، إنك حميدٌ، فعيل من الحمد بمعنى مفعول، وهو من تحمد ذاته وصفاته أو المستحق لذلك، أو بمعنى حامد أي يحمد أفعال عباده حُوِّلَ للمبالغة، وذلك مناسب لزيادة الإِفضال وإعطاء المراد من الأمور الكثير، مجيد بمعنى ماجد من المجد، وهو الشرف والرفعة، وكرم الذات والفعال التي منها كثرة الإِفضال، والمعنى: إنك أهل الحمد والفعل المجيد والكرم والأفضال فاعطنا، ولا تخب رجانا، كذا قاله الفاسي.

* * *

٢٩٣ - أخبرنا مالك، أخبرنا نُعَيْم بن عبد الله الْمُجْمِر، مولى عمر بن الخطاب أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري أخبره - وهو عبد الله بن زيد الذي أُرِيَ النِّدَاءَ في النَّوْم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبا مسعود أخبره - قالَ:


(٢٩٣) صحيح، أخرجه: مسلم (٤٠٥)، والترمذي (٣٢٢٠)، والنسائي (١٢٨٥)، وأحمد (٢١٨٤٧)، والدارمي (١٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>