للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "غير راتب"، أي: غير نصب ولا تعب، قوله: "مجللًا"، بكسر اللام أي: سائق الأفق لعمومه، أو الأرض بالنبات سجل الغرس، قوله: "سحا" بفتح السين المهملة وتشديد الحاء المهملة، أي: شديد الواقع بالأرض، من ساح إذا جرى، قوله: "طبقًا" بفتح أوله، أي: ستر الأرض حتى يعمها، قوله: "دائمًا"، أي: إلى انتهاء الحاجة إليه.

وحَوَّلَ بتشديد الواو، أي: قلب ردَاءَه بأن جعل أسفله أعلاه إن كان مربعًا، أو جعل جانب الأيمن على الأيسر، وإن كان مدورًا كالجبة، حين استقبل القبلة، والسر في تقليب ردائه للتفاؤل ليقلب حالهم من القحط إلى الخصب، ومن اليسر إلى العسر.

قال محمد: أما أبو حنيفة. فكان لا يرى أي: لا يختار في الاستسقاء صلاة، أي: مشروعة بجماعة، وإن صلوا فرادى جاز، وبه قال أبو يوسف في رواية لقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [نوح: ١٠]، وأما الاستسقاء في قولنا يعني نفسه، وأبا يوسف في رواية، فإن الإِمام أي: الخليفة ونائبه يصلي بالناس ركعتين كصلاة العيد في الجهر بالقراءة، والصلاة بلا أذان ولا إقامة، ويخطب بعد الصلاة خطبتين، ويجلس بينهما واحدة عندنا وعند الشافعي، وقال مالك: سنة الاستسقاء ركعتان يخطب قبلهما كخطبة الجمعة، ثم أي: بعد الصلاة يدعو رافعًا يديه لا روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه حتى يرى بياض إبطه، ويمد يديه، ويجعل بطونهما مما يلي الأرض، ويحول من التفعيل، أي: يقلب رداءه، فيجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، إن كان مدورًا كالجبة، لما رُوي في الكتب الستة (١)، عن عبد الله بن عاصم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس فصلى بهم ركعتين، وحَوَّل ردائه فدفع واستسقى واستقبل القبلة، (ق ٣٠١) زاد البخاري: وجهر فيهما بالقراءة، ولا يفعل ذلك أي: تحويل الرداء أحد إلا الإِمام، وهو اختيار الطحاوي وأبي حنيفة - رحمه الله، أن الاستسقاء دعاء، وفي سائر الأدعية لا تقلب فيها رداء، وما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان تفاؤلًا أو عرف - صلى الله عليه وسلم - بالوحي تغيير الحال عند قلب الرداء.

والحاصل أنه - صلى الله عليه وسلم - يحتمل في تقليب الرداء أنه فعل بوحي، أو قصد تفاؤل فلو فعل غيره لتعين أن يكون تفاؤلًا، وهو تحت الاحتمال، فلم يتم به الاستدلال، فإن قيل: كيف


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>