جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وله ثلاث وستون سنة، كما رواه الحاكم وغيره عن عائشة رضي الله عنها، وهو الصحيح كما في (فتح الباري)، ولا خلاف في جواز تغسيل المرأة زوجها، وأما تغسيله لها فأجاز الجمهور والأئمة الثلاثة؛ لأن عليّا رضي الله عنه غسَّل فاطمة رضي الله عنها، وقال أبو حنيفة والثوري: تغسله لأنها في عدة منه، ولا يغسلها لأنه ليس في عدة منها، ولا حجة فيه؛ لأنها في حكم الزوجية لا في حكم البيتوتة بدليل الإِرث، ثم أي: بعد غسله خرجت أي: من المغتسل فسألت مَنْ حضرها من المهاجرين؛ فقالت: إني صائمة، هذا أحد أعذارها، وإن هذا يوم شديد البرد، فهل عليَّ أي: واجب من غُسْل؟ أي: لغسل الميت لا للعدة، كما توهمه عدة من النساء على التقديرين، فقالوا: أي: المهاجرون: لا، أي: لا يجب ولا يستحب عليك الغسل.
قال محمد: وبهذا أي: بأثر عبد الله بن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم نأْخذ، أي: نعمل ونُفتي، لا بأس أي: لا كراهة بأن تغسِّل المرأة زوجها أي: لو كانت صائمة، وفي الخانية الصغير والصغيرة، إذا لم يشتهيا يغسلهما الرجال والنساء؛ لأن أعضائهما ليس لهما حكم العورة، كذا قاله الشمني في (شرح النقاية)، إذا تُوُفِّيَ، بضم الفوقية والواو، وبكسر الفاء المشددة، أي: إذا مات الزوج مع قطع العلاقة المحرمية بالنكاح، ولا غُسْل على مَنْ غَسَّل الميت، أي: مطلقًا، ذكرًا كان أو أنثى، ولا وُضوءَ، أي: ولا طهارة صغرى، أي: هنا من هذه الجهة، إلا أن يصيبه أي: بدنه شيء من ذلك الماء أي: المستعمل، فليغسله، أي: محله احتياطًا؛ فإن الماء المستعمل طاهر (ق ٣١٧) في نفسه غير مطهر غيره عند أبي حنيفة، وأما ما أخرجه أحمد بن حنبل عن المغيرة مرفوعًا:"مَنْ غسل ميتًا فليغسل"، فمحمول على ما مر في أن يصيبه الماء المستعمل، أو في الاستحباب كما قاله أبو حنيفة.
اعلم أن غُسل الميت فرض كفاية على الأحياء حتى لو وجد ميت في الماء غسل، وإن كان يفسخ صب عليه الماء، واختلفوا في سبب غسله، فقيل: حدث يحل بالميت لاسترخاء مفاصله، فإن الآدمي لا ينجس بالموت لكرامة له، وإنما لم يقتصر على إعفاء الوضوء؛ لأن الاقتصار عليها في الحياة للحرج فيما يتكرر في كل يوم، والحدث بسبب الموت لا يتكرر فكان كالجنابة.
وقال العراقيون: سببه النجاسة بالموت كسائر الحيوانات؛ لأن شخصًا لو حمل