للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا وفي نسخة: محمد عن نافع، المدني، مولى ابن عمر رضي الله عنهما، عن ابن عمر، أنه قال: ما صُلِّي على بناء المفعول على جنازة كذا في نسخة: عمر، إلا في المسجد، أي: مسجد المدينة، وروى ابن أبي شيبة وغيره أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وأن صهيبًا صلى على جنازة عمر في المسجد، ووضعت الجنازة بحيال المنبر، أي: مقابله، قال ابن عبد البر: وذلك بمحضر الصحابة من غير نكير، يعني: فيكون إجماعًا سكوتيًا كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: لا يُصَلَّى على جنازة في المسجد، قال بعض الفضلاء: المراد بالمسجد مسجد حي، وذكر في (المحيط) أن صلاة الجنازة في المسجد الجامع مكروهة كمسجد الحي. انتهى. بخلاف المبني للجماعة والجمعة وصلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء وصلاة الجنازة، وهذا أحد وجوه إطلاق المساجد عليه بصيغة الجمع، في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} (التوبة: ١٨)، وقيل: لعظمته ظاهرًا وباطنًا، أو لأنه قبلة المساجد، أو لأن جهاته كلها مساجد، وكذلك بلغنا عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولعل المصنف أراد ما أخرجه الطحاوي في (معاني الآثار) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له"، أي: من الأجر والثواب مطلقًا، أو كاملًا، وهو الأظهر، وفي رواية: "فلا أجر له"، أي: كاملًا، وفي رواية أخرى: "فلا شيء عليه"، كذا نقله المناوي في (كنوز الحقائق) عن أبي داود. وموضع الجنائز بالمدينة خارج المسجد، وهو الموضع الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الجنازة فيه، وذكر النسفي في (فتاواه)، أن صلاة الجنازة في المسجد الجامع على ثلاثة أوجه: الأولى: أن يكون الكل في المسجد، وهذا الوجه مكروه با لاتفاق تحريمًا إن خيف تلويث المسجد بها، وتنزيهًا إن كان المسجد مشغولًا بما لم يبذله، والثانية: أن يكون الميت والإِمام مع بعض خارج المسجد والباقي فيه، وهذا الوجه غير مكروه بالاتفاق، والثالثة: أن يكون الميت وحده خارج المسجد والإِمام والقوم في المسجد، وهذا الوجه مختلف فيه، وشمس الأئمة الحلواني اختار الكراهة فيه، كذا في (الشايج).


(١) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>