للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسكينة ودفنها، والمجيب أبو بكر (ق ٣٣٥) الصديق رضي الله عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم آمُركم بمد إلى الاستفهام التوبيخي، أن تُؤذِنُوني؟ "، وفي نسخة: بها، أي: بجنازتها، فقالوا: يا رسول الله، كَرِهْنَا أن نُخْرِجك لَيلًا أو نُوقِظك، شكٌ من الراوي، ويحتمل أن تكون "أو" للتنويع لتنوع جوابهم، ولابن أبي شيبة: فقالوا: أتيناك يا رسول الله لنؤذنك بها فوجدناك نائمًا، فكرهنا أن نوقظك، وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهوام الأرض، كذا قاله الزرقاني (١)، وقال السيوطي: زاد في حديث عامر بن ربيعة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تفعلوا، ادعوني بجنائزكم"، رواه ابن ماجه، وفي حديث زيد بن ثابت، قال: "فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنتُ بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه له رحمة"، أخرجه أحمد، قال: أي: الراوي، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: من المدينة إلى مصلى الجنازة ووقف حتى صَفَّ بالناس على قبرها أي: على حذائه فصلَّى على قبرها، وفي نسخة: عليها، فكبَّرَ أربع تكبيرات، وهذا الشاهد للترجمة، وأما الصلاة على القبر فقال بمشروعيتها الجمهور ومنهم الشافعي وأحمد وابن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة، والمشهور عنه منعه، وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة عنهم، إن دفن قبل الصلاة شرعت عليها في القبر، وإلا فلا، وأجابوا بأن ذلك من خصائصه، ورده ابن حبان بأن ترك إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على من صلى معه على القبر دليل على جوازه لغيره، وأنه ليس من خصائصه، وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلًا للأصالة، والدليل على الخصوصية ما زاده مسلم وابن حبان (٢) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: فصلى على القبر ثم قال: "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم" وفي حديث زيد بن ثابت: "فإن صلاتي عليها له رحمة"، وهذا لا يتحقق في غيره، وقال مالك: ليس العمل على حديث النور، قال أبو عمر: يريد عمل المدينة، وما حكي عن بعض الصحابة والتابعين من الصلاة على القبر، إنما آثار بصرية وكوفية ولم نجد عن مدني من الصحابة فمن بعدهم أنه صلى على القبر. انتهى.

واستدل به على التفصيل بين من صلى عليه فلا يُصلى عليه، بأن القصة وردت


(١) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٨٣).
(٢) أخرجه: مسلم (٩٥٦)، وأحمد (٨٨٠٤)، وابن حبان (٣٠٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>