قال مالك: أراه بضم الهمزة والألف بينهما راء مهملة، أي: أظن عمر رضي الله عنه أنه قال: تؤخذ أي: الإِبل من أهل الجزية أي: من رجال أهل الكتاب الذين بلغوا الحلم لا تُؤخذ من صبيانهم ولا من نسائهم، لقوله تعالى في سورة التوبة:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: ٢٩]، والصبيان والنساء لا يقاتلون، فلا يلزم عليهم الجزية، في جزيتهم، أي: لأجل جزيتهم، فكلمة "في" هنا للتعليل، قال تعالى في سورة يوسف من قصة زليخا (١): {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}[يوسف: ٣٢]، وفي الحديث: أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها.
قال محمد - رحمه الله: السُنَّة أي: الطريقة المسلوكة في الدين أن تُؤخذ الجزية من المجوس، أي: من عبدة النار، من غير أن تُنكح نساؤهم ولا تُؤْكَل ذبائحهم؛ لأن لهم شبهة كتاب، وكذلك أي: مثل ما بلغ إلينا عن عمر بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من بعض المجوس. وضرب أي: عين عمر الجزية على أهل سواد الكوفة؛ أي: أهل بستان العراق سمي به لسواده بالزرع والنخيل والأشجار؛ لأن جزية العرب التي لا زرع فيها ولا شجر كانوا أن أخرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزرع والأشجار فسموه سوادا، كما إذا رأيت شيئًا من بعيد فقلت: ما ذاك السواد، وهم يسمون الأسود أخضر، والأخضر سوادًا، كذا قاله ياقوت الحموي في (معجم البلدان)، فإن المسلمين فتحوا الكوفة على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فضرب الجزية على الإبل، (ق ٣٥١) على المُعْسِر أي: الذي يملك مائتي درهم أو أقل، أو المعتمل الذي يقدر على تحصيل الدراهم وبأي وجه كان، اثنى عشر درهمًا، أي: في كل سنة، وعلى الوسط أي: ضرب عمر الجزية على وسط الحال، وهو الذي له مال لكنه لا يستغني به عن العمل، والذي يملك فرق المائتين إلى عشرة آلاف، أربعة وعشرين درهمًا، أي: في كل سنة، وعلى الغني أي: فرض عمر الجزية على المكثر، وهو الذي يملك فوق عشرة آلاف ثمانية وأربعين درهمًا، في كل سنة، هذا قول الكرجي، وفي (الهداية): يؤخذ من الغني في كل شهر أربعة دراهم، ومن المتوسط درهمان، ومن الفقير درهم، كذا قاله التمرتاشي