للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أي: والحال كان ابن أم مكتوم لا ينادي حتى يُقَال له: أصْبَحْتَ أي: دخلت في الصباح وفي (الموطأ) لمالك أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ بالتكرار تأكيدًا لكونه أعمى، وفيه جواز أذان الأعمى إذا كان له من يخبره بالوقت.

قال محمد: يعني المصنف به نفسه عبر عن نفسه للتواضع وللاتباع لقوله تعالى في سورة الشعراء: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٢١٥] كان بلال ينادي بليل في شهر رمضان، لسُحُورِ الناس، وكان (ق ٣٧٠) ابن أم مكتوم ينادي للصلاة بعد طلوع الفجر، فلذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" اسمه عمرو وقيل: اسمه الحصين فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، ولا يمتنع أنه كان له اسمان وهو قرشي عامري، أسلم قديمًا، والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يكرمه ويستخلفه على المدينة وشهد القادسية في خلافة عمر واستشهد بها، وقيل: رجع إلى المدينة فمات، وهو الأعمى المذكور في سورة (عبس) واسم أمه عاملة بنت عبد الله المخزومية، وزعم بعضهم أنه ولد أعمى فكنيت أمه به لاكتتام نور بصره، والمعروف أنه أعمى بعد بدر بسنتين، كذا قاله ابن حجر في (فتح الباري شرح البخاري)، وتعقب بأن نزول سورة عبس بمكة قبل الهجرة فالظاهر والله أعلم بعد البعثة.

وقد روى ابن سعد والبيهقي عن أنس قال: إن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده ابن أم مكتوم فقال: متى ذهب بصرك قال: وأنا غلام لفظ البيهقي: وأنا صغير فقال: قال الله تعالى: "إذا ما أخذت كريمة عبدي لم أجد له أجر إلا الجنة" (١) وفي الحديث جواز الأذان قبل الفجر الثاني، واستحباب أذان واحد بعد واحد في الفجر فقط، وأما اثنان معًا فمنع منه قوم وقالوا: أول من أحدثه بنوا أمية، وقال الشافعية: لا يكره إلا أن يحصل من ذلك فتنة وجواز اتخاذ المؤذنين في مسجد واحد، وأما الزيادة عليهما فليس في الحديث تعرض أو قد روي عن مالك: لا بأس أن يؤذن للقوم في السفر كذا قاله الزرقاني.

لما فرغ من بيان آخر الوقت للتسحر شرع في بيان حكم ما يقتضي القضاء والكفار من أكل ما يتغذى به عمدًا، فقال: هذا

* * *


(١) أخرجه: البيهقي في الشعب (٩٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>