للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإلى لتضمنه معنى الإفضاء والإِنهاء، وإيثاره ههنا لاستقباح ما ارتكبوه، ولذلك سمي خيانة وقرئ: الرفوث، وتقديم الظرف على القائم مقام الفاعل لما مر مرارًا من التشريف، فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس فترقبة إليه فيتمكن عندها وقت وروده فضل تمكن {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} أي: ستر كالفراش استئناف مبين لسبب الإِحلال وهو صعوبة الصبر عنهن مع شدة المخالطة وكثرة الملابسة بهن، وجعل كل من الرجل والمرأة لباسًا للآخر لأعتناقهما واشتمالهما بالليل. واللباس اسم لكل ما يستر الشيء فكان كل واحد (ق ٣٧٨) منهما ستر صاحبه عما لا يحل ومنه عن الضجر {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} استئناف آخر مبين لما ذكره من السبب والاختيان أبلغ من الخيانة كالاكتساب من الكسب، ومعنى تختانون تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب وبجماعهن بعد صلاة العشاء فإنه كان محرمًا أولًا ثم نسخ بقوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي: رجع عليكم بالتخفيف.

وفيه دليل على جواز نسخ السنة بالقرآن كذا قاله أبو السعود، والشيخ زاده: {وَعَفَا عَنْكُمْ} أي: محا ذنوبكم كذا في (الكواشي) {فَالْآنَ} أي: جامعهن وفي وقوع ذلك إنه للزمن الحاضر والأمر مستقبل أبدأ، وتأويله ما قاله أبو البقاء قال: والآن حقيقة الوقت الذي أنت فيه، وقد يقع على الماضي القريب منا وعلى المستقبل القريب تنزيل للقريب منزلة الحاضر وهو المراد هنا، لأن قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} أي: فالوقت الذي كان يحرم عليكم فيه الجماع من الليل، فالآن قد بحنا لكم مباشرتهن أي: مجامعتهن. كذا قاله ابن عاد في تفسير (اللباب) يعني أي: يريد الله تعالى مباشرة الجماع تفسير في المصنف {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أي: اطلبوا ما قدره الله لكم وقدره في اللوح يعني الولد هذا أيضًا تفسير منه، وفيه أن المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد؛ فإن الحكمة في خلق الشهوة وشرع الحكم لإِفضاء الشهوة وقيل: فيه نهي عن العزل فإن العزل لا يجوز في وطئ الحرائر إلا بإذنهن وقيل: نهى عن غير المأتي به؛ فإنه موضع الغرس؛ لأنه الحرث، والتقدير: وابتغوا المحل الذي كتب لكم {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} عطفًا على باشروهن، وهي نزلت في شأن حرقة بن قيس رضي الله عنه إنه عمل في النخيل في النهار، فلما رجع إلى منزله غلب عليه النوم قبل أن يأكل شيئًا فأصبح صائمًا فامتعقه الصوم فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر النهار، وقال له مالك بن قيس: أمسيت معيبًا فقال: ظللت أمس في النخيل نهاري كله حتى أمسيت فأتيت أهلي فأرادت أن تطعمني سنحًا فأبطأت على فنمت

<<  <  ج: ص:  >  >>