للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنادى: "أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أكل وشرب". وزاد أصحاب السنن: "وذكر الله فلا يصومن أحد".

قال محمد: وبهذا أي: بقول أبي يزيد عقيل بن أبي طالب نأخذ، أي: نعمل ولا ينبغي أن يُصام أيام التشريق والمراد بأيام التشريق أيام منى، وهو يوم النحر وبعده ثلاثة أيام، وإنما سمى هذه الأيام أيام التشريق؛ لأن الذبح فيها يجب فيها بعد شروق الشمس، وقيل: لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي إذا قدرت. كذا قاله قتادة.

وقيل: لأنهم كانوا يشرقون للشمس في غير بيوت ولا أبنية للحج. هذا قول أبي جعفر محمد بن علي كذا قاله في (التمهيد) (١) لمتعةٍ أي: لصوم تمتع ولا لغيرها، أي: من قران وفدية وكفارة وقضاء ونذر ونافلة لما جاء من النهي عن صومها أي: عن صوم هذه الأيام يعني ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أي: عدم الصوم في هذه الأيام قولُ أبي حنيفة والعامَّةِ من قَبْلِنَا وبه قال الشافعي في أظهر قوله.

وقال مالك بن أنس: بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، صاحب المذهب يصومها أي: في أيام التشريق التمتع استدل مالك علي جواز الصوم للتمتع في أيام التشريق بحديث رواه الطحاوي والدارقطني (٢) عن عمر وعائشة رضي الله عنهما: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق الذي لا يجد الهدي، أي: نفسه أو ثمة أوْ فاتته أي: المتمتع الذي لزمه أن يصوم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر وسبعة أيام بعد يوم النحر بعجز عن دم التمتع الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، ووافقه الشافعي في قوله القديم المختار وهو رواية عن أحمد، ثم يفوت صوم الأيام الثلاثة بفوت يوم عرفة عند أبي حنيفة، فإنه يسقط صومها ويستقر الهدي في ذمته على الراجح من مذهب الشافعي بصومها بعد ذلك، ولا يجب تأخبرها غير القضاء.

وقال أحمد: إن أخره بغير عذر لزمه دم وإذا وجد الهدي، وهو (ق ٣٩٧) في صومها يستحب له الانتقال إلى الهدي وقال أبو حنيفة: يلزمه ذلك وسيجيء بيان ما يلزم على المتمتع في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.


(١) انظر: التمهيد (٢١/ ٢٣٢).
(٢) أخرجه: الدارقطني (٢/ ١٨٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٢٤٣)، وابن جرير في التفسير (٢/ ٢٥٠)، من طريق يحيى بن سلام، ويحيى ليس بالقوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>