للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحب من التحليل؛ لأن له ذكرًا في القران إلا في الشاة؛ فإنه ليس بسنة على ما ذكر صاحب (الهداية) ثم يستحب إشعار الهدي، إذا كان من إبل أو بقر في صفحة سنامه (ق ٤٣٣) الأيمن عند الشافعي وأحمد.

قال مالك: في الجانب الأيسر، وقال أبو حنيفة: الإِشعار مكروه والأولى ما حمل عليه (الطحاوي) (١) من أن أبا حنيفة إنما كره إشعار أهل زمانه؛ لأنهم لا يهتدون إلى إحسانه وهو شق مجرد الجلد ليدمى بل كانوا يبالغون في اللحم حتى يكثر الألم ويخاف منه السراية إلى العظم وذلك لما في مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - أشعر بدنه من الجانب الأيسر (٢) وفي رواية: صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنة فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن. وفي (الموطأ) لمالك عن نافع عن ابن عمر: كان إذا أهدى هديًا في المدينة يقلده بنعلين ويشعره في الشق الأيمن (٣)، فهذا يعارض ما في مسلم من حديث ابن عباس: أنه لم يكن أحد أشد اقتداءً بظهور فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ابن عمر. فلولا عليه وقوع ذلك من فعله - صلى الله عليه وسلم - لم يستمر عليه فوجه التوفيق حينئذ هو ما صرنا إليه من الإِشعار فيهما حملًا له وأيتهن على رواية كل رأي الإِشعار من جانب، وهو واجب ما أمكن كذا حققه الإِمام ابن الهمام (٤).

٣٩٩ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنَّه كان إذا أَهْدَى هَدْيًا من المدينة قَلَّدَه وأشْعَرَه بذي الحُلَيْفَة، يُقَلِّده قبل أن يُشْعِرَه، وذلك في مكان واحد، وهو موجَّه إلى القبلة، يقلِّده بنعلين، ويُشْعِرَه من شقِّه الأيسر، ثم يُساق معه حتى يوقف به مع الناس بِعَرَفة، ثم يُدْفَع به معهم إذا دفعوا، فإذا قَدِمَ مِنىً من غَدَاةِ يوم النَّحْر نحره قبل أن يحلق أو يُقَصِّرَ، وكان ينحر هَدْيَه بيده، يَصُفُّهُنّ قِيامًا، ويوجِّههنّ إلى القبلة، ثم يأكلُ ويُطْعِمُ.


(١) انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٣٨)، والهداية شرح البداية (١/ ١٥٨)، وحاشية ابن عابدين (٢/ ٥٣٩)، والمبسوط للسرخسي (٤/ ١٣٨)، وشرح فتح القدير (٣/ ٩).
(٢) أخرجه: مسلم (١٣٠٥).
(٣) أخرجه: مالك (٨٤٣)، والبيهقي في الكبرى (١٠٣٠٢).
(٤) انظر: حاشية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>