للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في (النهاية): وقد يعبر بالعطب عن آفة تعتريه وتمنعه عن المشي ويخاف عليها الهلاك في الطريق أي: في طريق مكة أو نذر بدنة أي: إبلًا إلى مكة.

٤٠٤ - أخبرنا مالك، حدثنا ابن شهاب الزُّهْرِيّ، عن سعيد بن المسيَّب، أنَّه كان يقول: مَنْ ساقَ بَدَنَةً تطَوُّعًا، ثم عطبت فنحرها فليجعل قلادتَها ونعلها في دمها، ثم يتركها للناس يأكلونها، وليس عليه شيءٌ، فإن هو أكلَ منها أو أمر بأكلها فعليه الغُرْم.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا، أي: أخبرنا، مالك بن أنس بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، يعني منسوب إلى ملك ذي أصبح من ملوك اليمن، وكان من كبار أتباع التابعين، من الطبقة السابعة من أهل المدينة وهي كانت في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة في وجه الأرض (١) حدثنا وفي نسخة: قال: بنا، ابن شهاب أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب، تابعي مدني، كان في الطبقة الرابعة من أهل المدينة (٢) كذا قاله ابن الجوزي عن سعيد بن المسيَّب، أي: ابن حزن يكنى أبا محمد، وهو تابعي ثقة في الطبقة الأولى من أهل المدينة (٣) كذا قاله ابن الجوزي في طبقاته أنَّه كان يقول: مَنْ ساق بَدَنَةً تطَوُّعًا، ثم عطبت أي: قرب هلاكها حتى خيف عليها الموت وامتنع عليها السير فنحرها؛ لأن النحر بعد حقيقة الهلاك لا يتصور فليجعل قلادتَها بكسر القاف أي: ما قلدت به من قطعة مزادة أو نعل (ق ٤٣٩) فقوله: ونعلها عطف تفسيري لها بأكمل أنواعها في دمها، أي: فليغمسها فيه وليضرب بها جانب سنامها.

وفائدة ذلك: إعلام الناس أنه هدي فيأكل منه الفقراء دون الأغنياء؛ لأن الإذن في تناوله معلق بشرط بلوغه محله، فينبغي أن لا يحل قبل ذلك أصلًا؛ لأن التصدق على الفقراء أفضل من أن يترك لحمه للسباع وفيه نوع تقرب وهو المقصود كذا في (سلم الفلاح) ثم يتركها للناس أي: لفقرائهم يأكلونها، حال واستئناف وليس عليه أي: على صاحب


(٤٠٤) أخرجه: مالك (٨٤٧)، والبيهقي في الكبرى (١٠٣٩٠).
(١) تقدم.
(٢) انظر: التقريب (٢/ ٥٥٢).
(٣) انظر: التقريب (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>