للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزاعي عينا في فتح مكة، وقد جزم أبو الفتح الأزدي وأبو صالح المؤذن بأن عروة تفرد بالرواية عن ناجية الخزاعي، فهذا يدل على أنه غير الأسلمي. انتهى. لكن جزمهما بذلك لا يدل على أن هذا الحديث عنه، وكذا بعثه عينًا في فتح مكة وكون ذويب مع البدن لا دلالة فيه على أنه السائل، فلعل الصواب رواية من قال: إنه الأسلمي ثم قال: إنه اختلف على ابن عباس فطائفة رووا عنه ما يدل على أنه ناجية الأسلمي، وطائفة رووا أن ذويبًا الخزاعي والد قبيعة حدثه، وربما بعث - صلى الله عليه وسلم - أيضًا معه هديًا فسأله كما سأله ناجية انتهى.

وقال ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن رجال من أسلم (ت ٤٤٠): إن ناجية بن جندب الأسلمي صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أي: صاحب هديه - صلى الله عليه وسلم - له أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف بما عَطِبَ أي: قرب إلى الهلاك من الهَدْي؟ أي: على فرض وقوع العطب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انحرها بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الحاء المهملة وسكون الراء أي: اذبحها (البدنة) من قرب صدرها موضع القلادة وأَلْقِ أي: اغمس قلادتها أو نَعْلَها وكلمة "أو" إما للتنويع وإما للشك في دمها، قال مالك مرة: أمره بذلك ليَعلم أنه هدي فلا يستباح الأعلى الوجه الذي ينبغي تأوله مرة على أنه نهي أن ينتفع منها بشيء حتى لا تحبس قلادتها التقلد بها غيرها وخَلِّ أي: ترك بينها وبين الناس يأكلونها" كذا الرواية بإثبات النون، فهو حال واستئناف زاد مسلم وغيره في حديث ابن عباس منها ولا على أهل رفقتك قال المازري: قيل نهاه عن ذلك حماية أن يساهل فينحره قبل أوانه.

قال القرطبي: لأنه لو لم يمنعهم أمكن أن يبادر بنحره قبل أوانه، وهو من المواضع التي وقعت في الشرع وأحملها مالك على سد الذرائع، وهو أصل عظيم لم يظفر فيه غير مالك لدقة نظر. قال عياض: فما عطب من هدي التطوع لا يأكل منه صاحبه ولا سائقه ولا رفقته لنص الحديث وبه قال مالك والجمهور.

وقالوا: لا يدل عليه لأنه موضع بيان، ولم يبين ذلك - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الهدي الواجب إذا عطب قبل محله، فيأكل منه صاحبه والأغنياء؛ لأن صاحبه يضمنه لتعلقه بذمته، وأجاز الجمهور بيعه، ومنعه مالك فإن بلغ محله لم يأكل من جزاء وفدية ونذر مساكين وأكل مما سوى ذلك على مذهب المشهور وبه قال فقهاء الأمصار وجماعة من السلف كذا قاله الزرقاني (١).

* * *


(١) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>