للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: وفي نسخة: عن عبد الله بن عمر أنه قال: الهَدْي أي: الكامل ما قُلِّدَ أو أُشْعِرَ، وأوقف به بعَرَفة فغيره ليس بهدي كامل إن اشتراه بمكة أو منى ولم يخرج به إلى الحل وعليه بدله فإن ساق من الحل استحب وقوفه بعرفات به هذا قول مالك وأصحابه كما في (الاستذكار) (١)، وفي هذا كله أن الإِشعار سنة.

وفائدته: الإِعلام بأنها صارت هديًا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك وحتى لو اختلطت بغيرها تميزت أو صلت بعرفات أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع وحث الغير عليه.

وبذلك قال الجمهور من السلف والخلف، وكرهه أبو حنيفة؛ لأنه مثله، وقد نهى عنها وعن تعذيب الحيوان فكان مشروعًا قبل النهي عن ذلك، وتعقب بأن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال بل وقع الإِشعار في حجة الوداع وذلك بعد النهي عن المثلة بزمان قال الخطابي وغيره: الاعتلال بأنه من المثلة مردود بل هو من باب آخر كالكي وشق أذن الحيوان ليصير علامة وغير ذلك من الوسم، وكالختان والحجامة وشفقة الإِنسان على ماله عادةً فلا يتوهم سريان الجرح حتى يفضي إلى الهلاك وقد كثر تشنيع المتقدمين على أبي حنيفة في إطلاق كراهة الإِشعار حتى قال ابن حزم (٢): هذه طامة من طوام العالم أن يكون مثلة شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن لكل عقل يتعقب حكمه قال: وهذا قوله لأبي حنيفة لا نعلم له فيها متقدمًا من السلف، ولا موافق من فقهاء عصره إلا من قلده.

وكذا قال الخطابي: لا أعلم أحدًا كرهه إلا أبا حنيفة وخالفه صاحباه وقالا بقول الجماعة، وتعقب بأن النخعي وافقه.

وقال الترمذي (٣): سمعت أبا السائب يقول: كنا عند وكيع فقال له رجل روى عن إبراهيم النخعي: إن الإِشعار مثلة فقال وكيع: أقول لك: أشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول: قال إبراهيم النخعي: ما أحقك أن تحبس وقد انتصر الطحاوي فقال: لم يكره أبو حنيفة أصلًا الإِشعار، وإنما كره ما يفعل على وجه يخاف من هلاك البدن لسراية الجرح لا سيما


(١) انظر: الاستذكار.
(٢) انظر: المحلى (٧/ ١١١)، وشرح الزرقاني (٢/ ٤٣٤).
(٣) انظر: سنن الترمذي (٣/ ٢٤٩)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ت: شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>