للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللام المشددة وهو موضع يذبح فيه الأضحية كما قال تعالى في سورة البقرة: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري)، وفي نسخة: يحل محرفا أي ليس لصاحب الهدي المنذور موضع يحل له أن ينحره فيه دون ذلك، أي: غير مكة أو منى، وإنما إشارة إلى مكة يكلمه ذلك وضعت للمشار إليه في مكان بعيد إشعارًا لشرفها وشرف الهدي الذي ينحر فيها وأي شيء كان شرفه أعظم من شرف الهدي فإنه قربة يقرب صاحبه إلى رحمة رب العالمين أو لبعدها عن أيدي المشركين إلى يوم القيامة كما قال تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] ومَنْ نَذَرَ بأن يقول: إن أوصلني الله إلى مقصودي فعلي أن أنحر جزُورًا بفتح الجيم وضم الزاي، وهو الإِبل خاصةً، يقع على الذكر والأنثى كذا في (المصباح) في اللغة فقوله: من الإِبل أو البقر، بعميم باعتبار الإِطلاق العرفي للتنويع فإنَّه أي: الناذر ينحرها أي: الجذور وإن أردت ذكرًا كذا في (النهاية) حيث شاء أي: في أي مكان؛ لأنه أراد إطعام لحمة مساكين، موضعه أو ما نوى من المواضع وكان ابن عمر رضي الله عنهما فرق بين نذر البدنة ونذر الجزور الأول خاص بالحرم والثاني أعم - والله أعلم - ولعل سبب ذلك قوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية [الحج: ٣٦].

قال محمد: هو أي: ما ذكر قول ابنِ عمر، أي: مختارة أو هو منفرد به وقد جاء عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وعن غيره من أصحابه: أنهم رخصوا في نحر البدنَة يعني أيضًا حيث شاءَ، أي: الناذر وقال بعضهم: الهَدْي بمكة يعني إذا نذر هديًا مخصوصِ بمكة وما حولها من الحرم المحترم؛ لأن الله تعالى يقول في سورة المائدة: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]، ولم يقل ذلك في البدنة، فالبدنة أي: نحرها حيث شاءَ أي: عند أخلاقها إلا أن ينوي الْحَرَم فلا ينحرها إلا فيه، وهو قولُ أبي حنيفة، وإبراهيم النَّخَعِيّ، ومالك بن أنس رحمهم الله تعالى.

* * *

٤١٠ - أخبرنا مالك، أخبرني عمرو بن عُبَيْد الأنصاريّ، أنه سأل سعيد بن المسيَّب، عن بَدَنَة جعلَتْها امرأتُه عليها، قال: فقال سعيد: البدن من


(٤١٠) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣/ ٥١٥)، والبيهقي في الكبرى (١٠٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>