وجعل ضفائر وكل ضفيرة على حدة بثلاث طاقات فما فوقها فليحلق وجوبًا واستحبابًا على ما سيأتي فإن كان الأمر للوجوب فالتقصير لم يجزه وعليه الحلق ولا تَشَبَّهُوا بفتح التاء والشين المعجمة وبالموحدة المشددة، أي لا تشبهوا علينا ويجوز بضم التاء وفتح الشين وكسر الموحدة المشددة من الفعيل، فالمعنى لا تشبهوا الضفر بالتَّلْبيد في (المغرب) أن الملبدين يجعل شعر رأسه لزوقًا (ق ٤٩٥) بصمغ ونحوه ليلتصق، ولئلا يدخل القمل والغبار بينه وليبقى رأسه نظيفة، وهذا الحديث موقوف على عمر ظاهرًا مرفوع حكمًا، وليحيى عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من عقص رأسه أو ضفر أو لبد فقد وجب عليه الحلق، ولا يجزيه التقصير إلى هذا ذهب الجمهور منهم مالك والثوري وأحمد والشافعي في قوله القديم قال في الجديد كالحنفية، ولا يتعين إلا أن نذره أو كان شعره خفيفًا لا يمكن تقصيره وإذا لم يكن له شعر فيمر الموسي على رأسه.
قال ابن دقيق العيد: إن السبب فيهما مختلف فالذي في الحديبية سببه توقف من الصحابة عن الإِحلال، لما دخل عليهم من الحزن لكونهم منعوا الوصول إلى البيت منع اقتدارهم في أنفسهم على ذلك، فخالفهم - صلى الله عليه وسلم - وصالح قريشًا على أن يرجع من العام المقبل، فلما أمرهم بالحلال توقفوا فأشارت أم سلمة أن يحل ففعل فحلق بعض وقصر بعض فكان من بادر إلى الحلق أسرع إلى امتثال ممن قصر.
* * *
٤٦٢ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"اللهم ارحم المُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمُقَصِّرين يا رسول الله، قال:"اللهم ارحم المُحَلِّقِينَ"، قالوا: والمُقَصِّرين يا رسول الله، قال:"والمُقصِّرِينَ".
قال محمد: وبهذا نأخذ، مَنْ ضَفَر فليحلق، والحلق أفضل من التقصير، والتقصير يجزئ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّةِ من فقهائنا.
(٤٦٢) حديث صحيح: أخرجه البخاري (٢/ ٢١٣) ومسلم (٩٤٥) (٢٢٧٤) وأبو داود (١٩٧٩) وأحمد (٢/ ٧٩، ١٣١) والبيهقي (٥/ ١٠٣) والعقيلي في الضعفاء (٤/ ٤٧).