للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قرب بين النسكين، وقد كان ذلك هنا، والأولى قول الخطابي وغيره أن عادة العرب حب توفير الشعور والتزين بها والحلق فيهم قليل، وربما رواه من الشهرة ومن ذي الأعاجم، فلهذا كرهوا الحلق واقتصروا على التقصير. وفي حديث الباب من الفوائد: أن التقصير يجزي عن الحلق، وهو مجمع عليه. كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: نعمل بما رواه ابن عمر عن عمر بن الخطاب مَنْ صَفَر فليحلق، والحلق أفضل (ق ٤٩٧) من التقصير، لأنه أبلغ في العبادة وأبين للخضوع والذلة، وأدل على صدق النية والمقصر يبقى على نفسه شيئًا فما يتزين به بخلاف الحالق، فيشعر بأنه ترك ذلك لله تعالى والتقصير يجزئ، من الإِجزاء أي: يكفي عن الحلق، وهو أي: قيام التقصير مقام الحلق قولُ أبي حنيفة، والعامَّةِ من فقهائنا أي: من أتباع أبي حنيفة رحمه الله.

* * *

٤٦٣ - أخبرنا مالك, حدثنا نافع: أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة، أخذ من لحيته وشاربه.

قال محمد: وليس هذا بواجب، من شاءَ فعله، ومن شاءَ لم يفعله.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: ثنا حدثنا وفي أخرى: عن نافع بن عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة، أخذ من لحيته أي: من طولها أو عرضها إذا كانت زائدة على قبضة ومن شاربه أي: إذا طال.

قال محمد: وليس هذا أي: الأخذ من اللحية والشارب بواجب، أي: من واجبات الحج أو العمرة بل الأولى مستحبة والثانية سنة من شاءَ فعله، أي: إذا احتاج إليه بعد خروجه من إحرامه ليكون تكميلًا لقضاء تفثه ومن شاءَ لم يفعل أي: حيث لم يجب عليه إلا حلقه أو تقصيره قبل إعفاء اللحية وقص الشارب من سنن إبراهيم، صلوات الله على نبينا وعليه، وقيل: عشر خصال من السنن خمسة في الرأس: كقص الشارب


(١) في شرحه (٢/ ٥٢٨).
(٤٦٣) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>