للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعله أراد انفراده من الأئمة الثلاثة، لكن عند أحمد أن الطهارة للطواف واجبة تجبر بالدم وللمالكية قول يوافقه انتهى.

وقال ولي الدين: في الحديث دليل على امتناع الطواف على الحائض، وهو مجمع عليه، لكن اختلفوا في علته على حسب اختلافهم في اشتراط الطهارة في صحة الطواف، فقال الجمهور ومالك والشافعي وأحمد باشتراطهما، فالعلة في بطلانها عدم الطهارة وقال أبو حنيفة وداود: ليست شرطًا، فالعلة كونها ممنوعة من اللبث في المسجد بل ومن دخوله على رأي كذا قاله الزرقاني (١).

* * *

٤٦٦ - أخبرنا مالك، حدثنا ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ حَجة الوَداع، فأهْلَلْنَا بِعُمْرَة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كان معه الهَدْي فليُهِلّ بالحج والعُمْرَة، ثم لا يَحِل حتى يَحِلّ منهما جميعًا"، قالت: فقدمتُ مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوتُ ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انقُضي رأسك، وامتشطي، وأهلِّي بالحج، ودعي العمرة"، قالت: ففعلت؛ فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التَّنْعيم، فاعتمرتُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه مكان عمرتك"، وطاف الذين حَلوا؛ بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من مِنى، وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما كانوا طافوا طوافًا واحدًا.

قال محمد: وبهذا كله نأخذ، الحائض تقضي المناسك كلها، غير أن لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصَّفَا والمروة، حتى تَطْهُرَ، فإن كانت أهَلَّت بعمرة، فخافت فوت الحج، فلتُحْرِم بالحج وتقف بعرفة، وترفض العمرة،


(١) في شرحه (٢/ ٥٠١).
(٤٦٦) إسناده صحيح: أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>