للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقاف، وهي لا تنبغي؛ لأن الاقتصار بكسر الهمزة وسكون القاف بمعنى الحبس، والاختصار بكسر الهمزة وسكون الخاء المعجمة والتاء الفوقية والصاد والراء المهملتين بمعنى التنقيص، ويؤيده كلمة عن في قواعد إبراهيم وهي ثلاثة أركان؛ لأنها شكلي مكعب، ولذلك سميت بالكعبة تشبيهًا بها، فإن قيل: ما الحكمة كان البيت في الوضع القديم مثل الشكل المكعب، وهي في الحقيقة ذات الركنين الحجر واليماني وأما الركن الشامي والعراقي فقد حدثا بسب التربيع لسر إلهي يعرفه العارفون.

الجواب: أما السر في كونها في الوضع القديم مثلث الشكل المكعب فإشارة إلى قلوب الأنبياء عليهم السلام؛ فإن خواطرهم خواطر إلهي وخواطر ملكي وخواطر نفسي، أما السر في كونها في هذا الوضع القديم على الركنين الحجر واليماني والإِشارة إلا تفرده تعالى في مرتبة الذات ومرتبة الأسماء والصفات في كونها على أربعة أركان بالوضع الحادث، فإشارة إلى قلوب المؤمنين؛ لأن قلب المؤمن لا يخلو خواطر إلهي وملكي ونفساني وشيطاني فركن الحجر بمنزلة الخواطر الإِلهي واليماني بمنزلة المكي، والشامي بمنزلة النفساني، والركن العراقي بمنزلة الخاطر الشيطاني؛ لأن الشارع شرع أن يقال عنده: أعوذ بالله من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وبالذكر المشروع تعرف من ابن الأركان كما ذكره الشيخ الأكبر في (الفتوحات المكية).

اختلف في أول من بناها، فحكى المحب الطبري أن الله وضعها لا ببناء واحد، وللأزرقي (ق ٥١٩) عن علي بن الحسين أن الملائكة بنتها قبل آدم صلوات الله على نبينا وعليه، ولعبد الرزاق عن عطاء: أول من بني البيت آدم.

وعن وهب بن منبه: أول من بناها شيث بن آدم، وقيل: أول من بناها إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه، وجزم به كثير زاعمًا أنه أو من بناها مطلقًا إذا لم يثبت عن معصوم أنه كان مبنيًا قبله، ويقال عليه: لم يثبت عن معصوم أنه أول من بناها.

وقد روى البيهقي في (الدلائل) عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة بناء آدم لها ورواه الأزرقي وابن شيخ وابن عساكر موقوفًا على ابن عباس وحكمه الرفع أنه لا يقال رأيا. وأخرج الشافعي عن محمد بن كعب القرظي قال: حج آدم فلقيته الملائكة، فقالوا: بر نسكك يا آدم، ولابن أبي حاتم عن ابن عمر: أن البيت رفع في الطوفان، فكان الأنبياء بعد ذلك يحجونه، ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله لإِبراهيم فبناه على أساس آدم صلوات

<<  <  ج: ص:  >  >>