للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها في الصحيحين (١) حين ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين فجعل أحدهما عن أمته وهو مشهور، وسيجيء تفصيله في كتاب الضحايا وما يجزئ منها إن شاء الله تعالى، ومنها ما رواه أبو دواد (٢) أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقرؤوا على موتاكم سورة يس حينئذ"، فليس قوله تعالى في سورة النجم: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] على ظاهره، وفيه تأويلات أقر بها ما اختاره المحقق الكمال بن الهمام أنها مقيدة بهبة العامل يعني ليس للإِنسان (ق ٥٢٤) من سعي غيره نصيب إلا إذا وهب له وحينئذ يكون، فإن قلت: ما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد" قلنا: أجيب عنه بأنه في الخروج عن العهدة لا في حق الثواب إليهم عند أهل السنة والجماعة قال التمرتاشي في (منح الغفار) عن شيخه صاحب (بحر الرائق): والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره لإِطلاق كلامهم. انتهى.

اعلم أن العبادة المالية كالزكاة وصدقة الفطر والأضحية تقبل النيابة مطلقًا أي: سواء كانت في حالة القدرة أو العجز؛ لأن المقصود يحصل بفعل النائب، فالمعتبر نية الموكل لا نية الوكيل، وأما العبادة البدنية كالصلاة والصوم والاعتكاف فلا تقبل النيابة فيها مطلقًا أي: سواء كانت في حالة العجز أو في حالة القدرة، وأما العبادة المركبة من البدن والمال كالحج فتقبل النيابة عند العجز فقط بشرط دوام العجز للأمر عن الحج بنفسه إلى موته فتجوز نيابة المأمور الحج عن العاجز ويقول المأمور عند الإِحرام بعد الركعتين: لبيك بحجة عن فلان والأعمال بالنيات كما أشبعناه في (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح).

٤٨١ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، أن سليمان بن يسار، أخبره أن عبد الله بن عباس أخبره، قال: كان الفضل بن عباس رَدِيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, قال: فأتت امرأة من خَثْعَم تستفتيه، قال: فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، قال: وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل بيده إلى الشق الآخر،


(١) البخاري (٥/ ٢١١٣) ومسلم (٣/ ١٥٥٦).
(٢) أبو داود (٣/ ١٩١).
(٤٨١) حديث صحيح: أخرجه البخاري (١٧٥٦) ومسلم (٢/ ٨٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>