قال محمد: المَشْيُ أفضل، وَمَنْ رَكَبَ فلا بأسَ بذلك.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا وفي نسخة: بنا عبد الرحمن بن القاسم، بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، يكنى أبا محمد المدني ثقة جليل، قال ابن عيينة: مات سنة ست وعشرين بعد المائة من الهجرة. كذا في (التقريب)(١) عن أبيه، أي: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، كذا قاله ابن الجوزي في (الطبقات) أنه قال: إن الناس أي: الصحابة والتابعين كانوا إذا رموا الجمار مَشَوْا ذاهبين أي: إليها وراجعين، أي: عنها وأوَّل مَنْ رَكَب مُعَاوِيَةُ بن أبي سفيان أي: عملًا بالرخصة (ق ٥٣٧) وتنبيهًا على الجواز، وكان به ضرورة كان معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية الأموي، يكنى أبا عبد الرحمن الخليفة، صحابي أسلم قبل الفتح وكتب الوحي، مات في رجب سنة ستين وقد قارب الثمانين، وكان أبو سفيان هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، صحابي شهير أسلم عام الفتح ومات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: بعد هذا كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، وقد روى أبو داود والبيهقي عن ابن عمر: أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيًا وذاهبًا وراجعًا، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك.
قال محمد: المَشْيُ أفضل، أي: لأنه في العبادة قياسًا على الطواف والسعي، مِع أن الحج ماشيًا أفضل لقوله تعالى في سورة الحج:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا}[الحج: ٢٧] أي: مشاة {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي: بعير ضعيف، ففي تقدير المشاة إشعار بأنه أفضل، كما صرح ابن عباس، وأما أنه - صلى الله عليه وسلم - حج راكبًا فلبيان الرخصة ودفع الحرج عن الأمة وَمَنْ رَكَبَ أي: ولو بلا عذر فلا بأسَ بذلك أي: بخلاف الطواف والسعي فيما هناك لتفاوت المقامات.
حكى إبراهيم بن الجراح قال: دخلت على أبي يوسف يومًا فوجدته مغمى عليه، ففتح عينيه فرآني، فقال: يا إبراهيم، أيما أفضل للحاج أن يرمي راجلًا أو راكبًا؟ فقلت: راجلًا فخطأني أي: حملني إلى الخطأ، ثم قلت: راكبًا فخطأني فقلت: فما يقول الإِمام قال: كل رمي بعده رمي يرميها الرامي ماشيًا وكل لبس بعده رمي يرميها الرامي راكبًا،