للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم رحمه الله تعالى: "ومن مات وعليه نذر ففرضٌ أن يؤدى عنه من رأس ماله قبل ديون النَّاس كلها، فإن فضل شيء كان لديون النَّاس" (١).

ثمّ قال: "فإن كان نذر صلاةً صلاها عنه وليه ... فإن أبى الولي استؤجر من رأس ماله من يؤدِّي دين الله تعالى ... وهو قول أبي سليمان (٢)، وأصحابنا" (٣).

وقال في موضع آخر: " ... وأمّا الصّلاة المنسية، والمنوم عنها، والمنذورة فهي لازمة للمرء إلى حين موته، فهذه تؤدى عن الميِّت، فالإجارة في أدائها عنه جائزة ... (٤).

والتفصيل في مذهب الظاهرية هو كما مر معنا في مذهب الحنابلة بمعنى: أن على الولي أداء ذلك عن الميِّت استحبابًا، إِلَّا إنَّ خلف تركة ففرض على الأولياء أن يؤدوا ذلك عنه من رأس ماله (٥).


(١) المحلى: ٨/ ٢٧. وقد نسب ابن حزم هذا القول لإسحاق ابن راهويه.
(٢) هو: داود بن علي بن خلف، أبو سليمان، الأصبهاني، الملقب بالظاهري، إمام المذهب الظاهري، وإليه ينسب المذهب الظاهري، ولد بالكوفة سنة ٢٠٠ هـ، وقيل: ٢٠١ هـ، كان في أول أمره شافعي المذهب، ثمّ استقل بمذهب، ذكر له مؤلفات كثيرة منها: إبطال القياس، وخبر الواحد، وكتاب الحجة، وغيرها. توفي في الكوفة سنة: ٢٧٠ هـ: (طبقات الشّافعيّة الكبرى: ٢/ ٢٨٤، وفيات الأعيان: ٢/ ٢٥٥، شذرات الذهب: ٣/ ٢٩٧).
(٣) المحلى: ٨/ ٢٨.
(٤) المحلى: ٨/ ١٩٢.
(٥) نقل الإمام ابن قدامة كما في المغني: ١٣/ ٦٥٦، أن مذهب الظاهرية هو وجوب القضاء على الولي، وليس الاستحباب، ولم يظهر لي من خلال النظر في كلام ابن حزم ذلك، ولم ينص على وجوب ذلك على الولي، ولكنه نصّ على فرضية ذلك على الولي في مال الميِّت، كما نقلت ذلك عنه (انظر: المحلى: ٧/ ٢٧)؛ فمذهبه في ذلك كمذهب الحنابلة سواء بسواء، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>