للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصوم النذرة لوجود الفرق بينهما شرعًا، وعقلاً.

فأما الشرع: فلأن الله تعالى لم يوجبه على المكلف، وإنما أوجبه العبد على نفسه، وفرق بين ما يوجبه الله تعالى على العبد، وما يوجبه العبد على نفسه (١).

وأما العقل: فلأن الديون المالية تصح فيها النيابة إجماعًا، وكذلك الاستئجار عليها، وقد تقدم ذلك.

وإذا نظرنا إلى نذر الصوم وجدناه أقرب إلى الديون المالية منه إلى العبادات البدنية؛ ووجه ذلك:

١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبهه بالدين كما في حديث ابن عباس (٢).

٢ - ولكون العبد أوجبه على نفسه، صار بمنزلة الدين الذي استدانه (٣). فلما كان صوم النذر بهذه المنزلة، ولما فيه من شائبة المال هذه فقد تم التفريق بينه وبين الصوم الواجب بأصل الشرع، فقيل بجواز الاستئجار على قضاء صوم النذر عن الميت دون الصوم الواجب بأصل الشرع (٤).

* ثانيًا: ضعف أدلة الأقوال الأخرى؛ وذلك لأن مبناها في عدم صحة الإجارة على عدم صحة النيابة، وقد تقدم أن القول بعدم صحة النيابة قول لا دليل عليه من الشرع، بل هو قول يخالف أدلة الشرع الصحيحة الصريحة في صحة النيابة. ثم إنه أمكن مناقشة أدلتهم فيما يتعلق بعدم صحة الإجارة على الصوم بما يضعف من دلالتها.


(١) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: ٣/ ٢٨٢.
(٢) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فدين الله أحق أن يقضى" وتقدم تخريجه ص/ ١٣٨.
(٣) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: ٣/ ٢٨٢.
(٤) إعانة الطالبين للسيد البكري: ٣/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>