كتاب أخذ المال على أعمال القرب

المطلب الثاني أخذ الجعل على الجهاد - أولا: المرإد بالجعل - ج: 2 - ص: 439

لا يكفيهم فللإمام - إذا كان عدلًا - أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيًا لهم في الحال إلى أن يظهر بيت المال" (١).

هذه بعض نقول أهل العلم في هذه المسألة، وهناك نقول أخرى عن بقية المذاهب، ممّا يؤكد سلطة الإمام في التصرف على الرعية بما يحقق المصلحة عملًا بالقاعدة الشرعية: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة" (٢).

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه يجب على القادرين في هذه الحالة تجميع المال اللازم؛ لدفع العدو، قال: إنَّ المسلمين إذا احتاجوا إلى مال يجمعونه لدفع عدو وجب على القادرين الاشتراك في ذلك" (٣).

بناء على ما سبق، فقد عرّف الحنفية الجعل؛ فقالوا في تعريفه:

"هو أن يكلف الإمام النَّاس بأن يقوي بعضهم بعضًا بالسلاح، والكراع، وغير ذلك من النفقة، والزاد" (٤).

وفي تعريف آخر:

"هو ما يضربه الإمام للغزاة على النَّاس بما يحصل به التقوي للخروج إلى الحرب" (٥).

وهذا النوع من الجعل لاحرج على المجاهدين في أخذه، بل قد يجب عليه الأخذ إذا كان هذا هو سبيله للتقوي على الجهاد في سبيل الله، ودفع العدو، والذَّبّ عن

---

(١) الاعتصام للشاطبي: ٢/ ٦١٩، تحقيق سليم الهلالي.
(٢) الأشباه والنظاثر للسيوطي، ص/٢٣٣، شرح القواعد الفقهية للزرقاء، ص/٢٤٧.
(٣) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ٣٠/ ٣٤٢.
(٤) شرح فتح القدير لابن الهمام: ٤/ ٢٨٣، ٢٨٤.
(٥) حاشية الشلبي على تببين الحقائق: ٣/ ٢٤٢.