له فيه، كما أن جميع ما ثبت عن النبي من سنن قولية وفعلية، وأوامر ونواه مات عنها دون أن ينقضها هو أو القرآن هو تشريع واجب الاتباع بنص القرآن «١» ، وإنما الذي نعنيه التعليق على القول بأن جميع ما صدر عنه من قول وفعل إطلاقا، وبأن جميع السنن النبوية القولية والفعلية وحي من جنس الوحي القرآني مع فارق واحد وهو أن هذا باللفظ وذاك بالمعنى مما لم يرد ما يؤيده من حديث نبوي ثابت أو نص قرآني صريح، ومما لا يجوز الكلام فيه بالظن والتخمين والاجتهاد. وفي القرآن مشاهد كثيرة تدل على أن النبي كان يجتهد في أمر فينزل القرآن مؤيدا له ومثبتا فيه ومنددا بالذين وقفوا منه موقف المخالفة أو التردد أو التمرد، فلو كان ذلك وحيا من جنس الوحي القرآني مع ذلك الفارق لكان يقتضي أن ينصّ عليه حين صدوره عن النبي، أو حين تثبيت النبي فيه قرآنيا بعد صدوره أنه كان وحيا ربانيا وهذا لم يقع.
ولقد استهدف بعض الذين قالوا ذلك تقرير العصمة النبوية. وننبه على أن ما نقرره لا يمسّ هذه العصمة، عدا أنه قائم على براهين محكمة قرآنية وواقعية.
فالعصمة النبوية تتناول ما يبلغه النبي عن الله، وآيتا النجم مصوبتان على هذا المعنى، والمبلغ عن الله بصراحة هو القرآن فقط ثم تتناول امتناع النبي عن اقتراف إثم أو جريمة أو فاحشة أو مخالفة للقرآن قولا وفعلا، ولا تتناول فيما نعتقد الأقوال والأفعال والمواقف الاجتهادية والعادية التي لم تؤيد بقرآن وليس فيها نية الإثم والضرر والشر والمخالفة، والتي قد يكون فيها الخطأ والصواب وخلاف الأولى الذي في علم الله والذي لا ينكشف للنبي إلا بوحي. وفي القرآن مشاهد عديدة تدل على أن النبي كان يجتهد في أمر فيصدر عنه قولا أو فعلا فينزل القرآن معاتبا حينا ومنبها أو مذكرا حينا بما هو الأولى كمشاهد أسرى بدر وتحريم النبي على نفسه زوجاته واستغفاره لأقاربه من المشركين وإذنه للمعتذرين عن الانضمام لحملة تبوك، وزواجه بمطلقة متبنيه وحادث الأعمى وخطرات نفسه في التساهل