للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معوّذ على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمرها أن تعتدّ بحيضة» «١» . وثانيهما حديث جميلة زوجة ثابت بن قيس الذي أوردناه في الفقرة الأولى من هذا البحث حيث أمرها برد حديقته إليه وهي مهرها على ما يستفاد من نصّ الحديث مقابل تطليقه إياها تطليقة. ولقد روى أصحاب السنن حديث جميلة بشيء من الفرق حيث جاء فيه:

«اختلعت امرأة ثابت بن قيس فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم عدّتها حيضة» «٢» . ويتبادر لنا أن حديث أصحاب السنن هو الأكثر اتساقا مع أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم لجميلة بأن ترد عليه حديقته. وبالتالي أن مسألة جميلة كانت هي أيضا خلعا وافتداء لنفسها توافقا مع الآية التي نحن في صددها. ونرى أنه يصح أن تسمى هذه الفرصة (بالحق المقابل) لحق الزوج في فراق زوجته بالطلاق. فحكمة الله اقتضت أن يكون الطلاق في يد الزوج فيطلق زوجته إذا كرهها أو ساءت معاشرتها أو لسبب ما. فجاءت هذه الآية لتعطي رخصة للمرأة بأن تخلص هي أيضا من زوجها إذا كرهته أو ساءت معاشرته أو لسبب ما. وفي الأحاديث أن الزوجات راجعن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر الأزواج بالتطليق وأخذ الفداء. وهذا يلهم أن للزوجة إذا لم يقبل الزوج أخذ فداء وخلاص زوجته منه بالتي هي أحسن أن تراجع الحاكم وأن للحاكم أن يأمر الزوج بقبول الفداء والتطليق. وفي كل ذلك ما فيه من تسوية وعدل وإنصاف.

والجملة صريحة بأن هذه الرخصة أو الفرصة إنما تكون عند غلبة الخوف والظن من عدم قيام الزوجين بما يجب عليهما من حقوق الزوجية تجاه بعضهما.

وقد أول المفسرون ذلك بالشقاق والنشوز، والمعنى يتسع لأكثر من ذلك من مضارة وإعنات وضرب وإهمال ومرض وعاهة دائمة ودمامة وكراهية إلخ وفي حديث جميلة تدعيم لذلك.

ولقد أورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن ثوبان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم جاء فيه:

«أيّما امرأة سألت زوجها طلاقها في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنّة» ، وأورد


(١) التاج ج ٢ ص ٣١٦. [.....]
(٢) انظر المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>