الطبري حديثا رواه الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال:«قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن المختلعات المنتزعات هنّ المنافقات» . والأحاديث لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة ولا مانع من صحتها لأنها تتسق مع روح التلقينات القرآنية. وفيها تلقين زجري بليغ يوزن به شكوى الزوجات وظروف رغبتهن في الاستفادة من فرصة افتداء النفس التي أتاحتها الآية [٢٣٠] وسميناها (الحق المقابل) وتكون واردة بالنسبة لمن لا يكون لديها سبب معقول من سوء سيرة وخلق ومعاملة واضطهاد وعجز عن الإنفاق وغيره من الواجبات الزوجية.
٥- وهناك خلاف بين الفقهاء والمؤولين فيما إذا كان الخلع فسخا أو طلاقا فالذين يذهبون إلى أنه فسخ يعتبرون الزوجة قد بانت عن زوجها ولم يعد له حق المراجعة لها وأصبحت مالكة لنفسها تتزوج بمن تشاء بعد عدتها مع جواز تراجع الزوجين إذا تراضيا بعقد ومهر جديدين ودون أن تنكح زوجا آخر. ولا يعد ذلك في عداد مرات التطليقات الثلاث التي لا يجوز أن تعود الزوجة إلى زوجها بعدها دون أن تنكح زوجا آخر. والذين يذهبون إلى أنه طلاق اعتبروه طلاقا عاديا رجعيا يصح للزوج أن يعود إلى زوجته أثناء عدتها ويعد في عدد مرات التطليقات الثلاث. والجمهور على المذهب الأول والأحاديث المروية باعتداد المخلوعة بحيضة واحدة تدعم هذا المذهب حيث تفيد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم اعتبر الخلع فسخا وبينونة فلم يفرض على الزوجة التربص بنفسها ثلاثة قروء التي هي عدة للمراجعة وإنما فرض عليها عدة لاستبراء رحمها فقط وهي حيضة واحدة. وهذا المذهب هو الأوجه فيما نراه. فالفدية باب فتحه الله للزوجة للتخلص من زوجها الذي يشذ عن مبدأ الإمساك بإحسان أو التسريح بإحسان أو الذي تكرهه ولا تطيق الحياة معه لسبب ما أخلاقي أو جسماني أو سلوكي. فكيف يكون له بعد أخذ الفدية حق للمراجعة؟ وقد يكون أصحاب المذهب الثاني استندوا إلى حديث جميلة الأول الذي أمر النبي فيه الزوج بتطليقها تطليقة. وقد علقنا على ذلك ورأينا في أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم برد المهر على الزوج وهو الحديقة عملية خلع وفسخ وليست عملية طلاق عادي والله تعالى أعلم.