للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- وهناك من قال إن جملة وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ... إلخ قد نسخت بآية سورة النساء وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١) . وقد فنّد الطبري القول وتفنيده في محلّه، فذلك مقام وهذا مقام آخر.

٧- لقد قال الزمخشري إن الخطاب في جملة فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ هو للأئمة والحكام. وهذا القول ظاهر الوجاهة، فحلّ الأمر عن طريق القضاء هو أدعى إلى حسن التقدير. ويدعم هذا حديث جميلة زوجة ثابت الذي ذكر أنها راجعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أمرها فتوسط وحلّ المشكلة وكان هو قاضي المسلمين.

٨- وهناك فرصة أخرى للزوجة لاسترداد حريتها من زوجها على ما يقرره بعض الأئمة وهي أن تشترط أن يكون أمر طلاقها بيدها ويقبل الزوج ذلك وتسمى الزوجة في هذه الحالة (المتوفية) «١» ، أي التي يفوض الزوج لها تطليق نفسها، وهناك حديث رواه الترمذي والنسائي وأبو داود يفيد أن ذلك كان مما جرى في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم بصيغة (أمرك بيدك) حيث جاء في الحديث عن حماد بن زيد: «قلت لأيوب هل علمت أن أحدا قال في (أمرك بيدك) إنها ثلاث إلا الحسن. فقال: لا.

اللهم غفرا إلا ما حدثني عن قتادة عن كثير مولى بني مرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ثلاث) . والحديث يفيد أولا أن جعل الطلاق بيد الزوجة مما جرى وسوغ في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم. وثانيا أن المرأة إذا استعملت حقها فطلقت نفسها فيكون طلاقها باتا.

٩- والضمير في جملة فَإِنْ طَلَّقَها الأولى في الآية [٢٣٠] عائد إلى الزوج الأول الذي طلق مرتين. وتعني أنه إن طلقها ثالث مرة فلا تحل له حتى تنكح زوجا آخر كما جاء في الآية. أما الضمير في الجملة الثانية فهو عائد إلى


(١) انظر تفسير ابن كثير مثلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>