للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دار الندوة فاقترح بعضهم اعتقال النبي وتقييده بالحديد وحراسته حتى يموت.

واقترح بعضهم إخراجه ليذهب أنى شاء فيستريحوا منه. واقترح بعضهم قتله بواسطة شباب من مختلف بطون قريش ليفترق دمه ولا تقدر عشيرته على حربهم جميعا ثأرا له فيرضون بديته. ورأوا أن هذا هو الأهم فاتفقوا عليه وندبوا شبابا لرصده وتنفيذ القرار وهذا ما أشارت إليه الآية التي نحن في صددها ... وأخبره الله بواسطة جبريل وحذره من المبيت في بيته وفراشه فأمر عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكان يعيش معه بالنوم مكانه والتسجّي ببرده الأخضر الذي يستجّى به عادة عند النوم. ثم تسلل إلى دار أبي بكر رضي الله عنه. وكان هذا قد اعتزم الهجرة فقال له رسول الله على رسلك عسى أن يأذن الله بالخروج. فحبس نفسه لصحبة رسول الله وأعد راحلتين واعتنى بعلفهما. فلما دخل إلى بيت أبي بكر قال له إن الله قد أذن لي بالخروج. فركبا الراحلتين بعد الغسق وخرجا إلى جبل ثور من جبال مكة حيث كمنا في غار ثلاث ليال خشية أن يبعث زعماء قريش في طلبه حينما يفتقدونه. وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يدلج إلى مكة كأنه بات فيها فيتسمع الأخبار ويعود بها إليهما بعد الغلس. وكان لأبي بكر راع يروح عليهما في الغلس أو الفجر فيجلب لهما الحليب الذي يغذيهما. ولقد صدق ظنّ رسول الله حيث تروي الروايات والأحاديث أنهم أرسلوا من يلتمسونهما في شعاب مكة. ومرّ بعضهم بالغار حتى لقد تسلقه بعضهم وشعر بذلك أبو بكر فارتاع أشدّ الروع وقال للنبي: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحتهما، فقال له: يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما؟ مما أشارت إليه آية سورة التوبة هذه: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠) .

ولما سكن عنهما الطلب خرجا من الغار واستأجرا دليلا أخذ بهم طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>