١٠- ومن واجبنا أن ننبه في هذا المقام على مسألة مهمة وهي الاستجابة لطلب دولة اليهود في فلسطين السلم أو جنوحها إليه. فالتلقين القرآني لا ينطبق عليها وإنما ينطبق على العدو الذي له دار ودولة خاصة به منذ الأصل. أما اليهود في فلسطين فهم أعداء معتدون على دار المسلمين والعرب. ومغتصبون لما احتلوه من فلسطين اغتصابا باغيا بمساعدة طواغيت دول الاستعمار أعداء المسلمين والعرب. وقامت دولتهم في فلسطين بعد أن حاربوا المسلمين والعرب فيها أشد حرب وآذوهم أشد أذى وطردوهم من مدنهم وقراهم واستولوا على بيوتهم ومزارعهم وبساتينهم وكرومهم وثرواتهم المنقولة وغير المنقولة. وهتكوا حرماتهم ودنسوا مقدساتهم وهدموا مساجدهم وأزالوا معالم الإسلام والعروبة ولم يكن بينهم وبين العرب والمسلمين سابق عداء قبل تفكيرهم في غزو فلسطين واغتصابها وإنشاء دولة لهم فيها على أنقاض العرب والمسلمين بل كان العرب والمسلمون في ظل السلطان الإسلامي يمنحون من كان في ظل هذا السلطان منهم الحرية والأمان والطمأنينة ومجال النشاط الاقتصادي والاجتماعي، في حين كانوا وظلوا معرضين للاضطهاد والمطاردة والمصادرة في جميع البلاد الأخرى التي كانوا يحلون فيها.
وهم حينما يعلنون رغبتهم في السلم مع العرب يريدون ذلك، مع احتفاظهم بما اغتصبوه من دار العرب والمسلمين ونسيان كل ما فعلوه فيهم. ومعنى الأمر للمسلمين بمقابلة ذلك الجنوح بمثله لا ينطبق عليهم، حتى لو تركوا بعض ما اغتصبوه واكتفوا بالقسم الذي قررته لهم هيئة الأمم، لأنه دار المسلمين والعرب وليس لهذه الهيئة أن تمنحهم جزءا مهما كان صغيرا من هذه الدار. وليس لأحد من المسلمين والعرب حقّ في قبول ذلك وهو خيانة لله ولرسوله وللمسلمين وعليهم واجب إعداد كل قوة يستطيعونها لمقاتلتهم وتضييق الخناق عليهم وحصارهم بدون هوادة ولا كلل إلى أن يقوضوا دولتهم وتعود البلاد كما كانت إلى حظيرة السلطان الإسلامي العربي وكل تهاون في ذلك إثم ديني عظيم.
هذا، ولقد أورد المفسرون أحاديث نبوية عديدة في سياق هذه الآيات