للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سيما أن مشاكل الإرث كثيرا ما تبعث على البغي والجريمة. ولعل التشريع الإرثي الجديد قد أحدث بعض الأحقاد وساق بعض الناس إلى البغي والعدوان.

ولعلّ الآية الرابعة رمت فيما رمت إليه إلى تهدئة النفوس في صدد ذلك وتوطينها على الامتثال لما شرع الله.

وهذا الذي نقوله لا يقلل وجاهة حمل الجملة على ظاهرها من حيث كون قتل الإنسان نفسه مما يقدم عليه بعض الناس في كل ظرف ومكان بسبب ما يلمّ بهم من أزمات نفسية ومادية وجملة إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً التي جاءت بعد الجملة تنطوي في هذا المقام على تهدئة ومعالجة حيث تهتف بالمسلمين: إن الله يظل شاملا إياهم برحمته فيجب أن لا ييأسوا ويقدموا على قتل أنفسهم.

ولقد أورد المفسرون في سياق ذلك بعض الأحاديث النبوية. منها حديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا. ومن تحسّى سمّا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنّم خالدا مخلدا فيها. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنّم خالدا مخلّدا فيها» «١» وحديث رواه البخاري عن جندب بن عبد الله البجلي قال «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينا فحزّ بها يده فما رقأ الدم حتى مات فقال الله عزّ وجل عبدي بادرني بنفسه حرّمت عليه الجنة» «٢» حيث يفيد هذا أن قاتل نفسه مخلد في النار وحيث ينطوي فيه على كل حال تنبيه على أن قتل الإنسان نفسه ليس أمرا شخصيا، له الحرية فيه وإنما هو جريمة كبرى يعاقب الله عليها. ولقد روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي حديثا عن جابر بن سمرة قال «أتي النبيّ صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلّ عليه» «٣» .


(١) التاج ج ٣ ص ٤.
(٢) التاج ج ٥ ص ٢٢.
(٣) التاج ج ١ ص ٣٢٨ والمشقص نصل أو حديدة عريضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>