للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نفسه والقراءة هي تلاوة بالألفاظ جهرا أو تخافتا. وقراءة النفس ليست كذلك.

ولم نطلع على أثر في منع هذا. والله تعالى أعلم.

خامسا: لقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون في تأويل إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ منها أنها لتجويز الصلاة للجنب في حالة السفر وعدم وجود ماء. ومنها أنها لتجويز دخول المسجد للجنب إذا كان طريقه منه. وقد رووا في صدد المعنى الثاني أنه كان لبعض أصحاب رسول الله منازل أبوابها شارعة على مسجد رسول الله فكانوا يضطرون إلى العبور منها فرخص لهم ذلك إذا كانوا في حالة الجنب.

وهناك أحاديث عديدة منها ما ورد في الكتب الخمسة ومنها ما رواه أئمة حديث آخرون تذكر أنه كان لبيتي أبي بكر وعلي رضي الله عنهما أبواب على المسجد «١» .

ومن الثابت اليقيني أن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم كانت في جانب من ساحة المسجد. وليس لأهلها طريق إلّا المسجد وليس لمن يقصدها طريق إلّا المسجد. ولقد كان المسجد في الوقت نفسه مكان جلوس النبي صلى الله عليه وسلم للناس والوفود الذين يقصدونه لغير الصلاة وفي غير أوقات الصلاة. فكانت الرخصة لعبورهم المسجد في حالة الجنابة بما تقتضيه ظروف السيرة النبوية فكان ذلك من حكمة تنزيلها ويمكن أن يكون هذا محل قياس في الحالات المشابهة لطبيعة الحال. والله تعالى أعلم.

ومن الأمور الممارسة في معظم المساجد منذ زمن قديم وجود غرف ومخادع فيها للأئمة والخطباء والمدرسين والسدنة. ودخولها والخروج منها من أرض المسجد. وقد ينامون ويحتلمون فيها. بل كثيرا ما يحدث أن ينام بعضهم في صحن المسجد في فترات الصلوات وقد يحتلمون. وحكمة الرخصة القرآنية والحالة هذه مستمرة.

سادسا: قد يلحظ أن الوضوء لم يذكر هنا. ولم يذكر فيما سبق من القرآن وإنما ذكر في آية في سورة المائدة المتأخرة في النزول. مع أن المتواتر المؤيد


(١) انظر التاج ج ٢ ص ٢٧٣ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١١٤ و ١١٥.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>