للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ (١) فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اللُّطْفَ (٢) الذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي (٣)، إِنَّمَا يدخلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ؟ "، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذِي يُرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ (٤)، فَخَرَجَتْ مَعِيَ أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ (٥)، وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ (٦) قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ (٧) بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابْنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ (٨)، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا،


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٤٠١): يُفِيضُون: بضم أوله: أي يخوضون.
(٢) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٤٠١): اللُّطف: بضم أوله وسكون ثانيه، والمراد الرِّفْق.
(٣) أشْتَكِي: أي أمرض. قاله الحافظ في الفتح (٩/ ٤٠١).
(٤) نقِهَ المريضُ: بفتح النون وفتح القاف وقد تكسر إذا بَرِئ وأفاق. انظر النهاية (٥/ ٩٧).
(٥) المَنَاصع: هي المواضع التي يُتَخَلَّى فيه لقضاء الحاجة. انظر النهاية (٥/ ٥٦).
(٦) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٤٠٢): الكُنُف: بضمتين جمع كنيف، وهو الساتر، والمراد به هنا المكان المتخذ لقضاء الحاجة.
(٧) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٤٠٢): رُهمٍ: بضم الراء وسكون الهاء.
(٨) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٩/ ٤٠٢): مِسْطَح: بكسر الميم وسكون السين وفتح الطاء، وهو لقب واسمه عوف وقيل عمر، والأول هو المعتمد، وقد أخرج الحاكم من حديث ابن عباس قال: قال أبو بكر يُعاتب مسطحًا فِي قصة عائشة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>