أي: امرأته أو جاريته، بقصد مداعبته أو مجامعته؛ فمن هنا بمعنى الباء، كما في قوله تعالى في سورة الشورى:{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}[الشورى: ٤٥]، كذا قاله ابن هشام، فخرج أي: منه، أي: من الرجل المَذْيُ، ماذا عليه؟ أيُّ شيءٍ يلزم عليه من الوضوء أو الغسل؟
وذكره أبو داود، والنسائي، وابن خزيمة، بسبب السؤال من طريق آخر عن علي: إني كنتُ رجلًا مذاء، فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشققت ظهري (١).
وفي الصحيحين: عن ابن الحنفية، عن علي: قال: فأمرتُ المقداد أن يسأله، وكذا لمسلم عن ابن عباس، رضي الله عنهما: أن عليّا رضي الله عنه أمر عمارًا أن يسأله.
ولابن حبان والإِسماعيلي أن عليّا قال: سألتُ.
وجمع ابن حبان: أن عليّا أمر عمارًا أن يسأله، ثم أمر المقداد بذلك، ثم سأله بنفسه.
قال الحافظ العسقلاني: وهو جمع جيد لآخره، مغاير لقوله: فإن عندي أي: تحت عقدي ابنتَه، أي: فاطمة، رضي الله عنها، والحال وأنا أستَحى أن أسأله، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة. قال المِقْدَاد: وفي نسخة: فقال المقداد، بالفاء، ولكن لم يوجد بالنسخ التي عندي ولا نسخ (الموطأ) قديمها وجديدها لمالك بن أنس، فسألته، أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وجد أي: علم أحدكم ذلك، أي: المذي في بدنه، فليَنْضَحْ بكسر الضاد المعجمة وفتحها، أي: ليغسل فَرْجَه، أي: ذكره، إن كان رجلًا، وقُبله إن كانت امرأة.
قال في (النهاية): النضح بمعنى الغسل، ويطلق على الرش كذا ذكره السيوطي.
فهذا حجة لنا في الحديث السابق، وليتوضأ وُضُوءه للصلاة، أي: كما يتوضأ إذا قام للصلاة؛ لأنه يجب الوضوء بمجرد خروجه، قال به قوم، ورد عليهم الطحاوي بما رواه عن علي، قال: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي: فقال: "فيه الوضوء، وفي المني الغسل"، فعرف أنه كالبول وغيره، من نواقض الوضوء لا يوجب الوضوء بمجرده.
(١) أخرجه: أبو داود (٢٠٦)، وأحمد (٨٧٠)، وابن خزيمة (٢٠)، والبيهقي في الكبرى (٨٢١).