الأول جائِز، ونكاح من بقي منهنّ باطل، وهو قولُ إبراهيم النَّخَعِيّ بفتح النون والخاء المعجمة وهو من أجلاء التابعين وأكابر المجتهدين، ولعل مأخذهما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفارق سائرهن" حيث لم يقل: طلقهن لكن يشكل بأن عقود الجاهلية صحيحة قبل الدخول في الأحكام الإِسلامية، وأيضًا فلعل الأربع الأواخر حوامل منه، فيترتب عليه المفاسد العرفية، والظاهر أن التعبير بالمفارقة بناء على فسخ الزيادة بالآية الناسخة لجوازها قبل ذلك وهي قوله تعالى في سورة النساء:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣] فإن سورة النساء مدنية بالإِجماع فالمعول نكاح من بقي منهن باطل موقوف على دليل صح في السماع، نعم بعد ظهور هذا الحكم لو تزوج شخص زيادة على الأربع، فلا خلاف في بطلان الزائدة وصحة الأول فتأمل، وفي كتاب (الرحمة) من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة.
قال مالك والشافعي وأحمد: يختار منهن أربعًا ومن الأختين واحدة.
وقال أبو حنيفة: إن كان العقد وقع عليهن في حالة واحدة فهو باطل وإن في عقود صح النكاح في الأربع الأول، وكذا الأختان.
* * *
٥٣١ - أخبرنا مالك، حدثنا رَبِيعَة بن أبي عبد الرحمن، أن الوليد سأل القاسم وعُرْوَةَ - وكانت عنده أربع نسوة - فأراد أن يَبِتَّ واحدة ويتزوج أخرى، فقالا: نعم، فارق امرأتك ثلاثًا وتزوج، وقال القاسم: في مجالس مختلفة.
قال محمد: لا يُعجبنا أن يتزوَّج الخامسة، وإن بَتَّ طلاق إحداهن حتى تنقضي عِدَّتها؛ لا يعجبنا أن يكون ماؤه في رحم خمس نِسْوَة حرائر، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا رَبِيعَة بن أبي عبد الرحمن، التيمي مولاهم أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي واسم أبيه فروخ، ثقة فقيه مشهور، قال